القصبة الهوائية (الرغامي) Trachea
تقع القصبة الهوائية أسفل الحنجرة وأمام المريء ويبلغ
طولها 12 سنتمترا وهي تمتد حتى مستوى الفقرة الصدرية الخامسة تقريبا قبل أن تتفرع
إلى قصبتين أوليتينprimary bronchi. يتركب جدار
القصبة الهوائية من طبقة مخاطية وأخرى تحت مخاطية ذات غدد دهنية مخاطية، ومن طبقة
غضروفية تغطيها من الخارج غلالة معترضة adventitia من نسيج رابط
(شكل 18 - 4).
تتكون الطبقة المخاطية من نسيج طلائي عمادي طبقي کاذب مهدب،
وتؤدي حركة الأهداب إلى إحداث تيار صاعد للإفرازات المخاطية للغدد الموجودة في الطبقة
تحت المخاطية يدفع معه ما يعلق بالمخاط من غبار وجراثيم وأجسام غريبة نحو الحنجرة
فالبلعوم حيث تبتلع أو تخرج على هيئة بصاق. يجدر بالذكر أن إحدى مضار التدخين تكمن
في أنه يسبب شللا الأهداب الطبقة المخاطية مما يجعل المخاط يتحرك نحو الأسفل بفعل
الجاذبية حيث يتراكم في الرئتين. يحدث هذا التراكم تهيجا في القصبات مما يعطي
منعكس القحة المميزة للمدخنين (قحة المدخنين). تتكون الطبقة الغضروفية من مجموعة
من الغضاريف يتراوح عددها بين 16 - 20 حلقة كل منها شبيه بحرف C
الإنجليزي حيث تتجه الفتحة نحو الخلف أي باتجاه المريء التسمح له بالتمدد قليلا
باتجاه القصبة الهوائية أثناء ابتلاع الطعام. تغلق فتحة الغضاريف بواسطة عضلات
ملساء عرضية، تشكل معا عضلة رغامية trachealis muscle، التي يخالجها
بعض الألياف المرنة. يؤدي تقلص العضلة الرغامية إلى ضيق قطر الرغامي مما يسرع هواء
الزفير الخارج من خلاله، ويساعد هذا على إخراج المخاط من الرغامي بسرعة تزيد عن
160 كم ساعة كما يحدث عند العطس أو السعال. تتمثل وظيفة الحلقات الغضروفية في دعم
الرغامي ليبقى مفتوحا بشكل مستمر فلا ينخسف نحو الداخل، لكن هذه الحلقات الغضروفية
لا تقوى أحيانا على مقاومة الضغط الشديد عليها كما لا تقوى على ذلك غضاريف الحنجرة)
أثناء محاولات الخنق بالقبض على الرقبة أو أثناء سقوط أجسام ثقيلة على الصدر
والرقبة.
الشكل 18-4: أ) مقطع عرضي في القصبة الهوائية مبينا
تركيبها، ب) صورة بالمجهر الإلكتروني الماسح مكبرة 221 ، 000 مرة تبين الغشاء
المخاطي للقصبة وما به من أهداب (صفراء اللون)، كما تظهر كذلك خلايا مفرزة للمخاط
ذات زغابات دقيقة.
الشجرة القصبية Bronchial Tree
المنطقة الناقلة للهواء Conducting Zone
يتفرع الرغامي إلى قصبتين أوليتين وعند نقطة التفرع
يبرز نحو الخلف نتؤداخلي من الحلقة الغضروفية الأخيرة، يدعي تويج karina keel
، يبطنه غشاء مخاطي أكثر حساسية من بقية أغشية الجهاز التنفسي، فعندما يلامس جسم
غريب غشاء التويج يحدث سعالا قويا كمحاولة لطرد هذا الجسم نحو الأعلى.
يؤدي انسداد الرغامي أو إحدى فرعيها إلى تهديد الحياة،
إذ يؤدي مثلا دخول قليل من الطعام أو قطعة نقود أو أي جسم غريب آخر إلى الاختناق
والموت وقد أبتدع الأمريكي هنري هملك H . Heimlich
مناورة سميت مناورة هيملك Heimlich maneuver لإخراج الأجسام
المسببة للاختناق من الرغامي. تتلخص المناورة بأن يطوق المسعف بذراعيه بطن المصاب
فوق السرة وأسفل الأضلاع مباشرة فتمسك إحدى يديه برسغ الأخرى ثم يضغط بقوة على بطن
المصاب كأنما هو يحاول رفعه. إن هذه المناورة تؤدي إلى ضغط الهواء الموجود في
الرئتين فيندفع خلال الرغامي بقوه ويطرد الجسم الغريب (شكل 18 - 5).
تدخل كل قصبة أولية إلى الرئة الموالية لها عند السرة hilus
(شكل 18 - 6) وتكون القصبة الأولية اليمني أقصر وأوسع وأشد میلا من مثيلتها
اليسرى، ولذا فإن احتمال دخول الأجسام الغريبة إلى الرئة اليمنى يكون أعلى عند
ابتلاع هذه الأشياء دون قصد. تتفرع كل قصبة أولية إلى قصبات ثانوية secondary
bronchi أو فصية lobar لأن كل منها
يدخل إلى أحد فصوص الرئة وهي ثلاثة للرئة اليمنى واثنان لليسرى. تتفرع القصبات
الثانوية إلى قصبات ثالثة tertiary أو قطعية segmental
إذ تدخل كل واحدة إلى قطعة من قطع الرئة المفصولة الواحدة منها فصلا شبه تام من
حيث التغذية الدموية عن القطع الأخرى بنسيج ضام يبدو مود اللون في حالة الأشخاص
المدخنين وسكان المدن الأكثر عرضة للتلوث.
تتفرع القصبات الثالثة مرة ثم أخرى لتصنع ثلاثة وعشرين
جيلا من الممرات الهوائية. تدعى الممرات الهوائية التي يقل قطرها عن 1 مليمتر
قصيبات bronchioles وتدعى أصغر القصيبات والتي يقل قطرها عن 0.5
ملم قصيبات نهائية terminal bronchioles. يعطى نمط تفرع القصبات
الذي أشرنا له أعلاه شكلا شبيها بالشجرة المقلوبة ذات الجذع الواحد الذي يمثله
الرغامي ولذا فإنه يدعى شجرة قصبية bronchial tree. تحدث ثلاثة
تغيرات تركيبية في جدار الممرات الهوائية كلما تقدمنا نحو قمة الشجرة القصبية هي:
أن تتحول الحلقات الغضروفية تدريجيا إلى صفائح غضروفية غير منتظمة وهذه تختفي
تماما عندما نصل إلى القصيبات، لكن الألياف المطاطية تستمر في التواجد في جدران
كافة ممرات الشجرة القصبية. تزداد كمية العضلات الملساء كلما اقتربنا نحو قمة
الشجرة القصبية حيث تشكل العضلات الملساء في القصيبات طبقة دائرية تماما مما يجعل
القصيبات تشكل منطقة مقاومة لمرور الهواء أثناء حالات معينة، تماما كما تشكل
الشرينات أوعية مقاومة في الدورة الدموية.
الشكل 18-5: مناورة هيملك.
الشكل 18-6: أ) منظر عام للجهاز التنفسي مبينا تفرع
الرغامي إلى قصبات ثم إلى قصيبات، ب) شجرة قصبية، ج) جدول يبين تفرع الرغامي إلى
أجيال من القصبات والقصيبات وعدد الممرات الهوائية من كل نوع.
تتحول الطبقة المخاطية من طبقة عمودية كاذبة إلى عمودية
ثم إلى مكعبة في القصيبات، وتختفي الأهداب تماما في القصيبات كما تختفي الخلايا
المفرزة للمخاط، ولهذا فإن وظيفة التخلص من الأجسام الغريبة التي تصل إلى ما بعد
مستوى القصيبات تناط بالخلايا الملتهمة الأكولة التي تتواجد في الحويصلات.
المنطقة التنفسية Respiratory Zone
تبدأ المنطقة التنفسية بالقصيبات النهائية التي تؤدي
الى قصيبات تنفسية respiratory bronchiole (شكل 18 - 7).
تتفرع القصيبات التنفسية إلى قنوات حويصلية alveolar ducts
مستقيمة يغطى جدارها كليا حويصلات alveoli يؤدي تجمعها مع
بعضها البعض قرب نهاية القناة الحويصلية إلى تكوين أكياس حويصيلية (أسناخ) alveolar
sacs. ويمثل شكل 18 - 8 تفرعات المنطقتين الناقلة والتنفسية والمصطلحات
التي تستخدم للإشارة لها كما تبدو تحت المجهر الضوئي.
الحويصلات بالغة العدد إذ تحتوي رئة الإنسان الواحدة
بين 300 مليون - 500 مليون حويصلة، وهي رقيقة الجدران إذ يتألف جدار الحويصلة من
طبقة واحدة من نسيج طلائي حرشفي رقيق وهذا يجعلها ملائمة للتبادل الغازي بواسطة
الانتشار إذ أنها المكان الحقيقي الوحيد تقريبا لتبادل الغازات بين الدم والهواء
في الرئة. تشكل المساحة السطحية لمجموع الحويصلات حوالي 75 م وهذه تزيد عن مساحة
سطح الجسم بحوالي 40 مرة تقريبا.
الغشاء التنفسي Respiratory Membrane
تدعى الخلايا الحرشفية المكونة لجدار الحويصلات خلايا
حويصلية من النوع الأول type I alveolar cells وهذه تستقر على
طبقة قاعدية قد تتحد أحيانا مع الطبقة القاعدية التي تستقر عليها الخلايا الطلائية
الداخلية
الشكل 18-7: أرسم مجسم يوضح اتصال المنطقة الناقلة
بالمنطقة التنفسية في الرئة كما يوضح تجمع الحويصلات الهوائية لتشكل الأكياس
الهوائية، ب) مقطع مجسم يبين القناة الحويصلية والحويصلات.
الشكل 18-8: مقطع في الرئة يبين القناة الحويصلية
والأكياس الحويصلية والحويصلات كما يبدو مكبرا 55 مرة تحت المجهر الضوئي.
الشكل 18-9: كيس حويصلي محاط بالشعيرات الدموية بغزارة
لتسهيل تبادل الغازات عبر الغشاء تنفسي
المكونة لجدران الشعيرات الدموية المحيطة بالحويصلات.
تحاط كل حويصلة بشبكة واسعة وغزيرة من الشعيرات الدموية (شكل 18 - 9) ويدعى الغشاء
المتكون من خلايا النوع الأول والطبقتين القاعديتين والطلائية الداخلية للشعيرات
غشاء تنفسي respiratory membrane لأنه الغشاء
الذي تتم عبره عملية التبادل الغازي إذ ينتشر عبره أكسجين من هواء الحويصلات نحو
الدم وينتشر ثاني أكسيد الكربون من الدم نحوهواء الحويصلات (شكل 18 - 10).
الشكل 18-10: الطبقات المكونة لجدار الغشاء التنفسي.
تنتشر بين الخلايا الحرشفية المكونة لجدار الحويصلات
خلايا مكعبة تدعى خلايا حويصلية من النوع الثاني type II cells
وهي ذات وظيفة إفرازية، إذ تفرز مواد فعالة سطحيا surfactants
تقلل التوتر السطحي للسوائل في الحويصلات مما يبقي الأخيرة مفتوحة باستمرار. كما
تتجول بحرية كافية على السطح الداخلي للحويصلات خلايا ملتهمة كبيرة macrophage
تدعى أحيانا خلايا الغبار dust cells لأن وظيفتها
التهام الأجسام الغريبة والجراثيم التي تصل إلى الحويصلات مما يجعل باطن الحويصلات
معقما دائما. عند موت هذه الخلايا الملتهمة الكبيرة بعد نهاية رحلتها فإنها تشطف
بفعل نشاط أهداب الممرات التنفسية العليا إلى خارج الجسم.
تجدر الإشارة كذلك إلى ميزتين تشريحيتين ووظيفيتين
أخريين اللغشاء التنفسي والحويصلات، الأولى هي أن الحويصلات تتصل ببعضها البعض
بواسطة ثقوب alveolar pores، تدعى أحيانا ثقوب كان pores of
Kuhn، مما يتيح المجال لتساوي الضغط في جميع الحويصلات إذا ما أغلقت
إحدى القنوات الحويصيلية، والثانية هي وجود ألياف مطاطية حول الحويصلات مما يجعل
نسيج الرئة مطاطيا وهذه الصفة في الرئة الطبيعية ضرورية لتقليل الشغل المبذول
أثناء التنفس.
الفصل الثامن عشر:
·
الجهاز
التنفسي التطور الجنيني
·
التركيب
الوظيفي للجهاز التنفسي
·
الرئتان
·
أغشية الجنب ( الأغشية
البلورية)
·
الضغط داخل تجويف الصدر
(الضغط داخل التجويف الجنبي)
·
أثر الضغط داخل تجويف الصدر
على الضغط داخل الرئتين
·
التوتر
السطحي والمواد الفعالة سطحيا
·
الشغل المبذول في عملية
التنفس
·
الحجوم التنفسية واختبارات
وظيفة الرئة
·
قوانين الغازات وأثرها في
التبادل الغازي
·
التبادل الغازي في الحويصلات
( التنفس الخارجي)
·
التبادل الغازي في أنسجة
الجسم ( التنفس الداخلي)
·
الموائمة بين التهوية
والتروية الدموية
·
اتحاد هيموجلوبين وأكسجين
وانفصالهما
·
منحنى تحلل أكسجين –
هيموجلوبين
·
أثر
PO2 على درجة تشبع هيموجلوبين
·
أثر درجة الحرارة، PCO2، تركيز H+،
تركيز DPG على تشبع هيموجلوبين
·
المراكز التنفسية في النخاع
المستطيل
·
الوظائف غير التنفسية
للرئتين
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment