تنظيم معدل الترشيح الكبيبي Regulation of Glomerular Filtration Rate (GFR)
أشرنا إلى أن معدل الترشيح الكبيبي في الكليتين للإناث
والذكور هو 110 - 125 مللتر / دقيقة. كما أشرنا أيضا إلى أن معدل الترشيح الكبيبي
يتأثر بمساحة السطح الذي يتم عبره الترشيح وبنفاذيته وبمقدار ضغط الترشيح الصافي.
وحيث أن مساحة السطح الذي يتم عبره الترشيح ونفاذيته لا تتغيران كثيرا في الإنسان
الطبيعي لذا فإن ضغط الترشيح الصافي يبقى العامل الرئيسي المؤثر في معدل الترشيح
الكبيبي في الشخص الطبيعي. فقد وجد مثلا أن حدوث انخفاض في الضغط الكبيبي
الهيدروستاتيكي مقداره 25% ( أي من 60 ملم زئبق إلى 45 ملم زئبق) يمكن أن يوقف
الترشيح تماما.
يجب أن نؤكد، مع ذلك، أن معدل الترشيح الكبيبي يبقى
ثابتا تقريبا بوجه عام ولا ينخفض إلا عند حدوث جفاف شديد، كما في حالات الإسهال
الشديد أو الحروق، حيث يزداد الضغط الأسموزي الغروي بشكل كبير. من جانب آخر، فإنه
إذا زادت كمية الماء في الجسم فلا تطرأ زيادة كبيرة على معدل الترشيح الكبيبي.
وحتى لو حدثت زيادة في معدل الترشيح الكبيبي (إلى حد 30 %) فإن التوازن بين
الترشيح وإعادة الامتصاص لا يختل، إذ تبقى إعادة الامتصاص قادرة على معالجة
الكميات الزائدة من الراشح. غير أن هذا التوازن يختل وتخرج كميات كبيرة من البول،
ومعها بعض الأملاح والمواد المفيدة، إلى الخارج فيما لوزادت كمية ماء الجسم زيادة
كبيرة بحيث يتجاوز معدل الترشيح الكبيبي 30 % من قيمته الطبيعية.
يتأثر معدل الترشيح الكبيبي بالعوامل الآتية:
1. الأعصاب الودية Sympathetic
nerves: تتحكم الأعصاب الودية الواصلة للكلية بالعضلات الملساء المكونة
لجدران الأوعية الدموية كالشرايين الشعاعية القشرية والشرينات الواردة. كذلك فإن
بعض هذه الأعصاب يصل إلى الخلايا قرب الكبيبية JG cells
حيث يؤدي تنبيهها إلى تنبيه إفراز أنزيم رنين من هذه الخلايا. يعد تنبيه الأعصاب
الودية وإفرازها لإبينفرين الذي يتحد مع مستقبلات بيتا على الخلايا قرب الكبيبية
العامل المباشر الأكثر أهمية في التحكم بإفراز رنين. يؤدي إفراز رنين إلى إفراز
هرمون أنجيوتنسين 2 الذي يسبب تضيق الأوعية الدموية وتقليل الزيادة المتوقعة في
تدفق الدم.
2. محور رنين - أنجيوتنسين . ألدوستيرون :
Renin- Angiotensin-Aldosterone Axis تصنع
الكبد بروتينا كرويا يدعى مولد أنجيوتنسين angiotensinogen
وترسل به في البلازما، وعند مروره بالكلية يحوله أنزيم رنين إلى أنجيوتنسين 1 الذي
يدور في البلازما ليتحول بفعل أنزيم يتعلق بطلائية الشعيرات الدموية في أعضاء
كثيرة أهمها الرئتان يدعى محول أنجيوتنسين angiotensin - converting enzyme،
إلى أنجيوتنسين 2. بعد أنجيوتنسين 2، بالإضافة لدورة كمضيق للأوعية الدموية، المحفز
الأساسي القشرة الغدة الكظرية لكي تفرز هرمون ألدوستيرون. من المعروف أن
ألدوستيرون يعمل على الأنيبيبات البعيدة للكليون لكي تعيد امتصاص صوديوم الذي
يتبعه إعادة امتصاص الماء بصورة أسموزية. يؤدي هذا الأمر الأخير إلى زيادة حجم
الدم وإلى زيادة ضغطه. وهكذا يكون لهذا المحور الأنزيمي الهرموني أثرين: الأول
هوتضيق الأوعية الدموية مباشرة بواسطة أنجيوتنسين 2 مما يقلل تدفق الدم وبالتالي
يقل معدل الترشيح الكبيبي والثاني ويتم بصورة غير مباشرة بواسطة ألدوستيرون الذي
يؤدي إلى زيادة ضغط الدم وإلى أثر مماثل على معدل الترشيح.
أما العوامل التي تسبب إفراز المحور الأنزيمي الهرموني
فهي:
أ- انخفاض ضغط الدم (خاصة إلى أقل من 80 ملم زئبق intrarenal
baroreceptors) يؤدي لنقص في شد الخلايا قرب الكبيبية ويسبب إفراز رنين.
ب - تنبيه خلايا البقعة الكثيفة: عندما ينقص تركيز NaCl
في الراشح يزداد
إفراز رنين وعندما يكون الراشح ذا كمية كبيرة أو ذا
تركيز أسموزي عال فإن إفراز رنين يثبط مما يقلل معدل الترشيح الكبيبي ويعطي وقتا كافيا
لإعادة امتصاص كمية كبيرة من الراشح.
ج. التنبيه المباشر للخلايا قرب الكبيبية بواسطة
الأعصاب الودية: ينبه انخفاض حجم وضغط الدم مستقبلات خارج الكلية فتنبه الأعصاب الودية
التي تسبب إفراز رنين.
3. التنظيم الذاتي Autoregulation:
تعد هذه الآلية الأهم بين الآليات المنظمة المعدل الترشيح الكبيبي وذلك لأنها تعمل
في معظم الظروف الاعتيادية. لقد وجد أن الكلية تستطيع أن تبقي معدل تدفق الدم
وبالتالي معدل الترشيح الكبيي ثابتا تقريبا على الرغم من حدوث تذبذبات واسعة في
ضغط الدم، إذ وجد أن حدوث تغير في ضغط الدم بين 80 وحتى 180 ملم زئبق لا يحدث إلا
تغيرا بسيطا في معدل تدفق الدم (شكل 20 - 10).
على الرغم من أن الآلية التي يتم بها هذا التحكم غير معروفة
تماما إلا أنه يعتقد بأنها ذات أصل عضلي، ولذا فقد سميت آلية ذات منشأ عضلي myogenic
mechanism. إذ يعتقد بأن حدوث زيادة
في ضغط الدم يؤدي إلى حدوث شد في أغشية الخلايا العضلية
الملساء المكونة لجدران الأوعية الدموية الكلوية. كما يعتقد بأن هذا الشد يسبب فتح
قنوات كالسيوم الذي يدخل إلى الخلايا مسببا انقباضها. يؤدي انقباض الخلايا إلى نقص
قطر الأوعية الدموية الكلوية، ونقص تدفق الدم بها، وبالتالي لا تحدث زيادة في معدل
الترشيح كما هو متوقع أن يحدث لو لم تتم هذه العملية، أي أن معدل الترشيح الكبيبي
يبقى ثابتا تقريبا. ويحدث العكس تماما عند انخفاض ضغط الدم، إذ تنبسط الخلايا
الملساء وتتوسع الأوعية الدموية وتحدث زيادة في معدل تدفق الدم وفي معدل الترشيح.
پری باحثون آخرون أن التنظيم
الذاتي يمكن أن يتم بآلية التغذية الراجعة الأنيبيبية الكبيبية المعتمدة على خلايا
البقعة الكثيفة كما سبقت الإشارة إليها.
الشكل 20 - 10 : آلية التنظيم الذاتي في الكلية. لاحظ
الثبات التقريبي لمعدل تدفق الدم ولمعدل الترشيح الكبيبي بين ضغط دم 80 و200 ملم
زئبق.
ومهما تكن الألية فإن حدوث تغير في قطر الشرينات
الواردة معاكس لاتجاه التغير في ضغط الدم يجعل الكلية قادرة على تنظيم معدل
الترشيح الكبيبي فيها. ويبين شكل 20 – 11 ملخصا لآليات تنظيم معدل الترشيح الكبيبي
4. التنظيم بعوامل كيميائية أخرى Other
Chemical Regulation : يتم تنظيم تدفق الدم في الكلية بواسطة عدد
من المركبات الكيميائية غير ما سبقت الإشارة له على النحو الآتي:
أ. عوامل مضيقة للأوعية الدموية وتشمل إندونيلين endothelin الذي يشك في أن خلايا البقعة الكثيفة تقوم بإفرازه، وثرومبوکسین، وأدينوسين
الذي يقبض الأوعية الدموية الكلوية بعكس أثره على بقية الأوعية الدموية.
ب . عوامل موسعة للأوعية الدموية وتشمل أستيل كولين
وكاينينات مثل براديكاينين، حيث تفرز الكلية أنزيم كاليكرين المنتج له، وأكسيد
نيتريك وبروستاغلاندنيات , E ، I
وبعض منتجات البكتيريا من مسببات الحميpyrogens ودوبامين الذي
تنتجه الأنيبيبة القريبة ويسبب زيادة تدفق الدم ويثبط إفراز رنين.
الفصل العشرين:
·
التشريح الوظيفي للجهاز
البولي
·
الكلية
·
التغذية الدموية والعصبية
للكلية
·
الوحدات
الكلوية ( الكليونات)
·
إعادة امتصاص الأحماض
الأمينية
·
تنظيم
حركة الأيونات في أجزاء الكليون
·
تركيز
البول ونظرية التيارات المتعاكسة
·
السيطرة
الهرمونية على عمل الكلية
·
الحالبان
·
التغيرات المصاحبة لتقدم
العمر في الجهاز البولي
·
الكلوة الاصطناعية ( الديلزة
الدموية) .
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment