حجرات القلب Heart Chambers
يتكون قلب الإنسان (شكل 16 - 5) والثدييات عموما من
أربع حجرات: حجرتان علویتان تدعى كل منهما
قاعة atrium (أو الأذين) بينهما حاجز بين أذيني interatrial
septum، وحجرتان سفليتان تدعى كل منهما بطين ventricle
بينهما حاجز بين بطيني interventricular septum .
الشكل 16-6: التركيب الداخلي للقلب كما يبدو عند النظر
إليه من الأمام.
عند النظر إلى القلب من الناحية الأمامية نجد أن البطين
الأيمن يشكل معظم ما هو ظاهر من القلب بينما يشكل البطين الأيسر السطح السفلي
والخلفي للقلب كما يشكل قمة القلب apex. يمكن ملاحظة
أخدودين على سطح القلب وهما يشيران بشكل تقريبي إلى حدود حجرات القلب الأربع،
فالأخدود الأذيني البطيني atrioventricular groove
(ويدعى أيضا الأخدود التاجي، نظرا لاستقرار الشريان التاجي به يفصل الأذينين عن
البطينين بينما يفصل الشقان الأمامي والخلفي بين البطينيان anterior and
posterior interventricular sulci البطين الأيمن عن الأيسر. يستقر في هذين
الشقين ويدل عليهما أوعية تاجية هي الشريانان بين البطينيان الأمامي والخلفي،
والوريدان القلبي الكبير والقلبي الأوسط. يتميز الحاجز بين الأذيني بوجود انخفاض
في منتصفه مواجه لفتحة الوريد الأجوف السفلي يدعى انخفاض بيضوي fossa
ovalis وهو يشير إلى مكان وجود الثقب البيضوي foramen ovale
الذي يتواجد في القلب أثناء الحياة الجنينية ويغلق عادة قبل الولادة وإن كان يستمر
في بعض الأطفال بعد الولادة مما يستدعي تدخلا جراحية.
يستقبل الأذين الأيمن الدم غير المحمل بالأكسجين من
ثلاث أوردة هي أجوف علوي superior vena cava الذي يجمع الدم
من أجزاء الجسم الواقعة أعلى الحجاب الحاجز وأجوف سفلي inferior vena
cava الذي يجمع الدم من أجزاء الجسم الواقعة أسفل الحجاب الحاجز وجيب
تاجيcoronary sinus، والأخيريشكل وريد أواسعا يجمع الدم من معظم
أجزاء عضلة القلب. أما الأذين الأيسرفيستقبل الدم من أربعة أوردة رئوية pulmonary
veins تنقل الدم المحمل بالأكسجين من الرئتين، وتظهر هذه الأوردة الأربع
بشكل مناسب إذا ما نظرنا للقلب من الجانب الخلفي (شكل 16 - 6).
نظرا لأن الأذينين يوصلان الدم إلى البطينين المجاورين
لهما في الموقع لذا فإن جدارهما لا يحتاج لأن يكون عضلية سميكا اذ أن بعض الدم
يتدفق بسيلان طبيعي من الأذين إلى البطين المجاور غير أن الانقباض العضلي لجدار
الأذينين يساعد في زيادة كمية الدم الواردة إلى البطينين.
الشكل 16-7: مقطع عرضي في قمة القلب يبين تجويف كل من
البطينين.
إذا قطعنا القلب عرضية في منطقة البطينين (شكل 16 - 7)
يبدو لنا جدار البطين الأيسر أكثر سمكا ويشكل تركيبة حلقية أو دائريا يمتاز بوجود
الكثير من الثنيات trabeculae التي تمتد نحو التجويف. أما جدار البطين
الأيمن فيكون أقل سمكا ويشكل تركيبا هلاليا يكاد يحيط بالحاجز بين البطيني. يتناسب
سمك جدار بطيني القلب مع مقدار ضغط الدم في كل منهما فالجدار الأسمك للبطين الأيسر
مسؤول عن توليد ومقاومة ضغط دم عال معدله حوالي 100ملم زئبق، بينما الجدار الأرق
للبطين الأيمن مسؤول عن توليد ومقاومة ضغط دم منخفض في الدورة الرئوية مقداره
20ملم زئبق. يمثل البطينان المضختين الحقيقتين للقلب، فعندما ينقضبان معا، عقب
انقباض الأذينين، يضخ البطين الأيسر الدم عبر الشريان الأبهر (الأورطى) aorta
إلى الدورة الجهازية ( الكبرى) systemic greater circulation بينما يضخ
البطين الأيمن الدم عبر الشريان الرئوي pulmonary artery
إلى الدورة الرئوية (الصغرى) pulmonary ( lesser ) circulation.
صمامات القلب وأصواته Heart Valves and Heart Sounds
يتدفق الدم بشكل طبيعي من الأذين إلى البطين في الجانب
نفسه ويكون مرور الدم بين كل أذين والبطين الذي يليه عبر فتحة يحرسها صمام أذيني
بطيني atrioventricular ( AV ) valve (شكل 16 - 4 و 16-6)،
فالفتحة بين الأذين الأيسر والبطين الأيسر يحرسها صمام ثنائي الشرفات bicuspid
AV valve (يدعى أيضا صمام مترالي mitral valve) بينما يحرس
الفتحة بين الأذين الأيمن والبطين الأيمن صمام ثلاثي الشرفات tricuspid
AV valve. شرفات الصمامات الأذينية البطينية هي ثيات من النسيج الضام
الليفي تغطى بطبقة من الطلائية الداخلية ويرتبط بالحافة الحرة لكل شرفة من شرفات
الصمام حبال من كولاجين تدعي حبال وترية cordae tendinae
(شكل 16 - 6) ويرتبط الطرف الآخر للحبال الوترية بعضلات حلميةpapillary
muscles تنشأ من جدران البطينين ومن الحاجز بين البطيني. أما الحافة غير
الحرة للشرفات فترتبط إلى النسيج الضام الحلقي المكون لهيكل القلب حول الصمامات.
تفتح الصمامات الأذينية البطينية عندما يزداد ضغط الدم
في الأذين عنه في البطين فتسمح بذلك للدم بالمرور نحو البطين. وعندما يمتلئ
البطينان ويبدآن بالانقباض يزداد الضغط داخل تجويفها عنه في الأذينين فيغلق
الصمامان ويصدر عن إغلاقهما صوت يمكن سماعة بواسطة سماعة الطبيب أو بواسطة أجهزة
إلكترونية وهو صوت القلب الأول first heart sound الذي يشبه لفظ
الكلمة الإنجليزية lub. تمنع الحبال الوترية والعضلات الحلمية
شرفات الصمام من أن تنقلب عائدة داخل الأذين عندما يزداد الضغط داخل البطين
فانقباض العضلات الحلمية يشد الحبال الوترية ويسمح للشرفات أن تغلق الفتحة فقط ولا
تتجاوز ذلك. لهذا فإن الدم الموجود في البطين لا يجد مسارة مفتوحة أمامه سوى فتحة
الأبهر في الجانب الأيسر وفتحة الشريان الرئوي في الجانب الأيمن. يحرس فتحة الأبهر
والشريان الرئوي صمامان يدعى كل منهما نصف القمري semilunar valve
ويفتح كل من هذين الصمامين إذا ما ازداد ضغط الدم داخل حجرة البطين التي هو على
اتصال معها عنه في الوعاء الدموي الذي يوجد فيه الصمام. لكل صمام نصف قمري ثلاث
شرفات مرتبة بشكل حلقي على هيئة جيوب تلتقي معا فتغلق فتحة الشريان عندما يزداد
الضغط داخله عن الضغط داخل البطين الموالي له.
يؤدي إغلاق الصمامات نصف القمرية إلى إصدار صوت هو صوت
القلب الثاني second heart sound الذي يشبه لفظ
كلمة dup.
يشير الصوت الأول (أنظر الشكل 16 - 19) من أصوات القلب
إلى بداية انقباض البطينين systole بينما يشير
الصوت الثاني إلى بداية انبساط البطينين diastole ويكون الصوت
الأول أعلى وأطول وأكثر رنينا من الصوت الثاني الذي يكون أقصر وأكثر حدة من الصوت
الأول. يكون تعاقب الأصوات في القلب الطبيعي على النحو الآتي: lub - dup توقف lub - dup توقف وهكذا. ويمكن بواسطة سماعة الطبيب
تمييز التعاقب المشار له وتمييز الأصوات غير الطبيعية التي يطلق عليها دمدمة heart
murmurs والتي تعكس تدفقة غير طبيعي للدم عبر الصمامات.
فإذا كان أحد الصمامات متضيقة stenosis
مثلا فإن مرور الدم عبره بخط سير طبيعي يكون معاقا مما يعطي صوت مرتفع الحدة قبل
إغلاق الصمام، أما إذا كان أحد الصمامات متهتكة أو مسربة للدم incompetent ( insufficient) فإن الدم يتدفق عبره بخط سير عكسي مما يعطي
خريرة بسيطا أثناء المدة التي يفترض أن يكون الصمام فيها مغلقا. أما كيف يميز
الطبيب أي من الصمامات يعاني من تلف أو تضيق عندما يكون الصوت غير طبيعي فذلك يتم
عندما نعرف أن الصمام ثنائي الشرفات يغلق قليلا قبل ثلاثي الشرفات وأن الصمام نصف
القمري الأبهري يغلق مباشرة قبل نظيره الرئوي. إن هذا الفارق الزمني القصير،
بالإضافة إلى وجود أربع مناطق في الصدر تقع فوق زوايا القلب الأربع يمكن في كل
منها سماع صوت صمام معين أوضح من غيره من الصمامات، يمكن الطبيب من تشخيص بعض
مشاكل الصمامات وتحديدها بدقة. لا توجد صمامات تحرس فتحات الأوردة الجوفاء أو
الأوردة الرئوية عند نقطة وصولها إلى الأذين الأيمن والأيسر.
تغذية القلب بالدم Blood Supply of the Heart
يغذي القلب بالدم بواسطة دورة تاجية (إكليلية) coronary
circulation (شكل 16 - 8) والتي سميت هكذا لأن بعض مكوناتها تحيط بالجزء
العلوي من القلب كما يحيط التاج أو الإكليل بالرأس. يخرج شريان تاجي أيمن right
coronary artery وآخر أيسر left coronary artery
من قاعدة الشريان الأبهر مباشرة بعد موقع الصمام نصف القمري الأبهري حتى أن شرفات
الصمام عند انفتاحها تكاد تغلق فتحتي الشريانين التاجيين وتمنع مرور الدم بهما.
يسير الشريان التاجي الأيمن في أخدود بين الأذين والبطين ليعطي فرعا يغذي الجانب
الأيمن من القلب يدعى شريان جانبي أو حاmarginal artery2
بينما يلتف بقية الشريان نحو الجانب الخلفي للقلب ويعطي فرعا آخر يهبط نحو قمة
القلب، يدعى شريان بين بطيني خلفي posterior interventricular artery
، ليغذي جدران البطين الخلفية. يعطي الشريان التاجي الأيسر حال خروجه فرع هابطة
يدعى شريان بين بطيني أمامي anterior interventricular artery
يغذي الحاجز بين البطيني وجدران البطينين المجاورة، ويمتد حتى قمة القلب حيث يلتقي
مع مثيله الخلفي. أما امتداد الشريان التاجي الأيسر فيسير محيطا بالقلب مارا عبر
الأخدود بين الأذين والبطين، يدعى شريان محيطي circumflex artery
، ليغذي الأذين الأيسر والجدار الخلفي للبطين الأيسر.
تقع الشرايين التاجية في طبقة فوق القلب وهي ترسل أفرعا
صغيرة تخترق عضلة القلب لتزودها بالأكسجين وبالمواد الغذائية. يعود الدم بعد تفريغ
حمولته من المواد الغذائية والأكسجين بواسطة أوردة قلبية cardiac veins
تسير في الغالب محاذية للشرايين التاجية، وتتجمع الأوردة في النهاية مشكلة جيب
تاجياcoronary sinus يبدو واضحا في الأخدود الأذيني البطيني في
الجانب الخلفي للقلب حيث يصب في النهاية في الأذين الأيمن. يتشكل الجيب التاجي من
اجتماع وريد قلبي كبيرgreat cardiac vein يجمع الدم من
الحاجز بين البطيني ومن جدران البطينين الأمامية، ووريد قلبي أوسط cardiac
vein يسير في الأخدود بين البطيني middle
الخلفي، ووريد قلبي صغير يسير محاذية لحافة القلب اليمني السفلية. كذلك فإن هناك
أوردة قلبية أمامية anterior cardiac veins تفرغ الدم
الوريدي مباشرة في الأذين الأيمن.
توجد اختلافات تشريحية صغيرة في عدد الشرايين التاجية
ومواقعها بين بني البشر، وتكاد تصل نسبة هذه الاختلافات عن الصورة الموصوفة أعلاه
حوالي 20 %. لكن الثابت أن الشرايين التاجية تزود القلب بما مقداره 4% من مجموع ما
يضخه البطين الأيسر من الدم وأن القلب خلافا لبقية أنسجة الجسم يستخرج ما مقداره
65 % من محتوي هذا الدم من أكسجين. يكون تدفق الدم في الشرايين التاجية متقطعا
بشكل يتناسب مع ضربات القلب فهي تأخذ دما من الشريان الأبهر أثناء انبساط القلب
وليس أثناء انقباضه والسبب في ذلك أن هذه الشرايين تقع تحت ضغط عضلة القلب الذي
يكاد يغلقها أثناء انقباض القلب، وأن فتحات الشرايين تغلق جزئيا بشرفات الصمام نصف
القمري أثناء انفتاح هذا الصمام الذي يكون متلازمة مع مرحلة الانقباض. تنشأ معظم
مشاكل القلب من أخطاء في الدورة التاجية، فعندما ينقص أكسجين الواصل لعضلة القلب
نتيجة نقص كمية الدم المتدفق عبر الشرايين التاجية coronary blood
flow تضعف الخلايا القلبية ويحدث ما يدعى احتباسة ischemia
يصاحبها ألم يدعي ذبحة صدرية angina pectoris وغالبا ما يحدث
مثل هذا النقص والألم المصاحب له أثناء الإجهاد وبعد الوجبات الثقيلة وفي حالات
تصلب الشرايين وتضيقها، وعند ارتفاع ضغط الدم أو عند تضيق الشرايين التاجية.
وعندما ينقطع تدفق الدم التاجي عن جزء من عضلة القلب
بسبب وجود جلطة thrombus في أحد الأفرع الصغيرة أو انسدادembolus
فإن النسيج يموت مسببا احتشاء عضلة القلب myocardial infarction
الذي يؤدي إلى سكتة قلبية heart attack. وحيث أن النسيج
الميت في القلب يستبدل عادة بندبة من نسيج غير قابل للانقباض لذا فإنه يضعف قوة
انقباض عضلة القلب كما قد يسد الطريق أمام نقل جهود الفعل عبر عضلة القلب مما يسبب
اضطرابا في نشاط القلب وقد يؤدي إلى الموت.
الشكل 16-8: الدورة الدموية التاجية كما تبدو في منظر
أمامي للقلب: أ) الشرايين التاجية وتفرعاتها، ب) الأوردة التاجية و الجيب التاجي
الذي تشكله في الجانب الخلفي للقلب وينقل الدم إلى الأذين الأيمن.
الفصل السادس عشر:
·
القلب
·
الأهمية التشخيصية لتخطيط
القلب
·
عوامل أخرى وتشمل العمر
والجنس والوزن والتمرين
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment