مرحلة
التطور التكوين العلقة (العلقی)
Embryonic
Development
تشمل هذه المرحلة التطور الذي يحدث في الفترة ما بين
أسبوعين وحتى ثمانية أسابيع بعد الإخصاب (وهذه تعادل الأسابيع العشرة الأولى من
الحمل). تشمل هذه المرحلة تكون الأغشية العلقية embryonic
membranes الأربعة (الرهل وكيس المح والممبار والكوريون)، وطور تكون
المعدنية gastrula ومرحلة تكون الأعضاء .organogenesis
|
تكون الأغشية العلقية Embryonic Membranes
يدعى الغشاء الخارجي للجنين كوريون chorion
(شکل 23 - 8) وهو يشتق من مولد التغذية الخلوي،
إذ تنقسم خلايا مولد التغذية هذا معطية طبقة واحدة أولا ثم طبقات أخرى من الخلايا
الميزودرمية التي تحيط بكتلة الخلايا الداخلية التي تشكلت الآن لتعطي قرصا علقيا embryonic
disc ويطلق لفظ کوريون على الطبقات
الميزودرمية جميعها ومعها مولد التغذية الخلوي، ويدعى التجويف الذي يفصل بين كوريون
والقرص سیلوم خارج العلقة extraembryonic
coelom يمتد كوريون على هيئة أصابع أو خملات كوريونية chorionic
villi تتفرع وتتشعب بشكل بالغ داخل بطانة الرحم، وخاصة عندما تقترب من
دم الأم حيث يبدأ في هذه الحملات لاحقا تطور الأوعية الدموية الجنينية التي ستعطي
الأوعية الدموية السرية. وسنرى لاحقا أيضا أن كوريون سيؤدي إلى تكوين المشيمة.
الشكل 23 -7 : المستوى الهرموني لكل من منشط الغدد
الجنسية الكوريوني واستروجين وبروجستيرون أثناء فترة الحمل.
جدول 23 - 1 : إختبارات الحمل
الشكل 23-8: الأغشية المحيطة بالجنين.
أما الرهل amnion ويقع إلى الداخل
من كوريون ويفصله عنه سيلوم خارج العلقة، فهو يتكون من خلايا الطبقة الظهرية للقرص
العلقي، إذ تعيد هذه الخلايا ترتيب نفسها على هيئة كيس غشائي هو غشاء الرهل الذي
يحوي داخله سائلا رهلية amniotic fluid . يتسع كيس
الرمل تدريجيا ليصبح في مراحل متقدمة من الحمل، محيط بالجنين إحاطة كاملة إلا عند
نقطة خروج الحبل السري. يفيد السائل الرهلي الجنين بالعمل كواق للصدمات التي يمكن
أن يتعرض لها الجنين، كما يساعد في ثبوت درجة الحرارة التي يتعرض لها الجنين،
ويعتقد أيضا بأن وجود هذا السائل يساعد أعضاء الجنين التي ستنمو بسرعة من أن لا
تلتحم ببعضها، كما ويسهل حرية حركة الأعضاء وخاصة الأعضاء ذات العضلات مما يساهم
في تطور ونضج الجهاز العضلي الهيكلي. وفي مراحل متقدمة من التطور تقوم المشيمة
بامتصاص سائل الرهل بشكل مستمر لتستبدله بسائل جديد مشتق من دم الأم، ويتم هذا
الاستبدال في غضون 2 - 3 ساعات ويعتقد بأن هذه العملية ضرورية لتخليص هذا السائل
مما به من مواد أيضية قد تكون مؤذية للجنين إذ أنه بتطور كلى الجنين فإن بعض بول
الجنين سيلقى إلى هذا السائل.
على الجانب البطني للقرص الجنيني يتطور كيس المح yolk sac
فبعض الخلايا في هذا الجانب تتكاثر وتترتب على هيئة كيس يتعلق بالسطح البطني
للجنين، وهكذا فإنه في الأسبوع الثالث بعد الإخصاب يكون الجنين عبارة عن قرص من
الخلايا يقع على سطحه الظهري کيس هو الرهل المملؤ
بالسائل الرهلي، وعلى سطحه البطني كيس هو كيس المح الذي يحتوي كمية قليلة من الملح
في الإنسان وكثير من الملح في أجنة الطيور والزواحف وأنواع أخرى. وفي الطيور
والزواحف يشكل المح مادة غذائية للجنين، أما في الانسان فإن وظيفة التغذية منوطة
في هذه المرحلة بالحملات الكوريونية، وبالمشيمة في مراحل متقدمة. ومع ذلك فإن كيس
الملح في الإنسان سيشكل جزءا من المعي كما سينتج خلايا الدم الأولى كما وتهاجر منه
خلايا جرثومية تتجه نحو الشيات الجنسية وتنزرع هناك معطية الغدد التناسلية.
يتطور الممبار allantois على هيئة انبعاج
نحو الخارج من كيس المح في الجانب البعيد عن رأس الجنين ولهذا فإننا سنرى (شكل 23
- 8) وجود ارتباط واضح للممبار بالقناة الهضمية التي تطورت من كيس المح. يستخدم
الممبار كقاعدة لبناء الحبل السري الذي يربط الجنين إلى المشيمة المنزرعة في جدار
الرحم، كما يشكل جزءا من المثانة البولية. ولو فحصنا مقطعا في الحبل السري في
مراحل متقدمة لوجدناه مكونا من أنسجة ضامة بها شرايين سرية تنقل نحو المشيمة دما
قليل الأكسجين ووريد سري ينقل دما محملا بالأكسجين نحو الجنين، ويصاحب هذه
التراكيب قناة موصلة إلى كيس المح هي الممبار. تجدر الإشارة إلى أن الممبارك أجنة
الحيوانات ذات البيوض يشكل مكانا تلقى فيه المخلفات النتروجينية الضارة.
طور تكون المعدية Gastrulation
يطلق اصطلاح المعدنية (جاسترولا ) gastrula
على تلك المرحلة من التطور الجنيني التي يتكون بها الجنين من ثلاث طبقات جرثومية
هي إكتودرم وميزودرم وإندودرم (شکل 23 - 9). يبدأ طور
تكون المعدية في الأسبوع الثالث بعد الإخصاب، إذ يتحول القرص العلقي المكون من
طبقتين من الخلايا إلى تركيب مكون من ثلاث طبقات ويتم ذلك عادة بهجرة الخلايا
وإعادة ترتيبها.
في البداية، يتطاول القرص العلقي ذي الطبقتين ثم يزداد
عرضه في الجانب الذي سيعطي لاحقا رأس الجنين، ثم يتكون أخدود طولي على طول السطح
الظهري للقرص، ويحدد هذا الأخدود الذي يدعى خط ابتدائي primitive streak
المحور الطولي للجنين (شکل 23 - 10). تبدأ الخلايا
السطحية للقرص بالهجرة السريعة نحو الخط الابتدائي فتدخله ثم تندفع نحو الجانبين حيث
تحتل لنفسها مكانا بين الطبقتين العلوية والسفلية وتدعى هذه الخلايا التي «انسكبت»
بين الطبقتين خلايا الطبقة الوسطى (ميزنكايم) mesenchyme
(وتعني الخلايا المنسكبة). هذه الخلايا ستشكل لاحقا الطبقة الجرثومية الوسطى التي
تدعى ميزودرم mesoderm أما الطبقة العلوية للقرص العلقي فإنها تدعى
إكتودرم ectoderm بينما تدعى الطبقة السفلية والتي ستشكل جزءا
من جدار کيس المح إندودرم endoderm.
تتجمع بعض الخلايا المنسكبة (ميزنكايم وميزودرم لاحقا) الواقعة مباشرة تحت الخط
الابتدائي وتشكل قضيبا من الخلايا يمتد طوليا مع محور الجنين ويدعى حبل ظهري notochord
وهذا الحبل الظهري يعتبر أول تركيب هيكلي دعامي للجنين وسيتحول لاحقا إلى العمود
الفقري.
تعطي خلايا إكتودرم في مرحلة لاحقة الجهاز العصبي وبشرة
الجلد والأظافر والشعر وأعضاء الإحساس، أما إندودرم فإنه يعطي البطانة الطلائية للقناة
الهضمية وللجهاز التنفسي وللجهاز البولي والتناسلي والغدد الملحقة بهذه التراكيب،
بينما يشكل ميزودرم بقية التراكيب: العضلات والعظام، الجهاز الدوري، أدمة الجلد،
الكلى، الحالبان ، الغدد والقنوات التناسلية ( جدول 23 - 2).
مرحلة تكون الأعضاء Organogenesis
يتم في هذا الطور تكوين أعضاء الجنين وأجهزته المختلفة
وذلك بأن تستمر خلايا الجنين بالانقسام وبإعادة الترتيب لتشكل الأعضاء المعروفة
بشكلها وبمواقعها. تعتمد عملية تكوين الأعضاء بشكل عام على آليات الحث induction
mechanism، حيث تقوم بعض الأنسجة والأعضاء المتكونة أولا بإرسال رسل
كيميائية حالة الخلايا المجاورة لها على التشكل لتكوين الأنسجة أو الأعضاء التي
يفترض أن تتكون في تلك المواقع المجاورة.
في هذا الطور يكون إكتودرم الجهاز العصبي (شكل 23 -
11)، إذ أن خلايا الحبل الظهري التي تعتبر ميزودرمية تحث كيميائية خلايا إكتودرم
الواقعة فوقها لتشكل صفيحة عصبية neural plate مستوية تنغمد
نحو الداخل مشكلة أخدودا عصبيا neural groove . تبرز حافتا
الأخدود العصبي نحو الأعلى لتشكل طيات عصبيةneural fold
تبدأ بالاقتراب من بعضها والالتحام مشكلة أنبوبا عصبيا neural tube
يمتد طوليا على معظم طول المحور الطولي للجنين. ينفصل الأنبوب العصبي نحو الأسفل،
بعيدا عن بقية الإكتودرم الذي يلتحم فوقه ليعطي بشرة الجلد، والتراكيب الأخرى
المرافقة المشار لها في الجدول 23 - 2. أما الأعراف العصبية neural crests
التي تتكون محاذية للطيات العصبية من الداخل فإنها تهاجر لأماكن متعددة فتكون
الأعصاب القحفية والشوكية والعقد العصبية الودية ونخاع الكظرية. يعطي الجزء
الأمامي من الأنبوب العصبي الدماغ أما الجزء الخلفي فيعطي الحبل الشوكي ولكن هذا
التخصص يتم بعد اليوم الثالث والعشرين من حياة الجنين. فالدماغ يتخصر ليعطي ثلاث
حويصلات: الأمامية يتطور منها الدماغ الأمامي، والوسطى تعطي الدماغ الأوسط،
والخلفية تعطي الدماغ الخلفي. وفي خلال الشهر الثاني من حياة الجنين تتبلور بشكل
واضح إنشاءات الدماغ ويرتد نصف كرة المخ إلى الخلف ليغطي جذع الدماغ وتتطور أمواج
الدماغ الكهربائية.
الشكل 23 - 9: مقطع في المعدية مبينا الطبقات الجرثومية
الثلاث والأغشية المحيطة بالعلقة.
جدول 23 -2 : الطبقات الجرثومية الجنينية والتراكيب المشتقة من كل منها
الشكل 23 - 10: مراحل التطور أثناء طور المعدية: أ)
تطاول القرص العلقي، ب) تكون الخط الابتدائي، ج) انسكاب خلايا الطبقة الوسطى، د )
تكون الحبل الظهري.
ولو نظرنا إلى المملقي في هذه المرحلة لوجدناه منبسطا
في البداية ثم يبدأ بأخذ الشكل الاسطواني المعوج وذلك بتكوينه ثنيتان جانبيتانlateral
folds وثنية خطمية أو أمامية rostral fold وأخرى ذيلية caudal
fold (شکل 23 - 12). ويؤدي
انضمام الجنين بفعل هذه الثيات إلى ترك جزء من كيس المح والأوعية السرية خارج
الجنين، بينما يشكل جزء من جدار کیس المح
(إندودرم) معي ابتدائي primitive gut يتميز لاحقا إلى
معي أمامي وأوسط وخلفي ويمتد الممبار خلف المعي الخلفي.
أما المعي الأمامي (شکل 23 -
13) فإنه يتميز إلى بلعوم ومريء ومنه تنبعج نحو الخارج براعم تعطي طلائية الجهاز
التنفسي والغدة الدرقية وجارات الدرقية والزعترية ويعطي المعي المتوسط براعم تشكل
الكبد والبنكرياس. ويشكل المعي الابتدائي بكامله طلائية القناة الهضمية كما وينفتح
فيه فتحتا الشرج ثم الفم في نهايتيه.
تتشكل معظم أعضاء الجنين من ميزودرم، فلقد أشرنا بداية
إلى تكون الحبل الظهري notochord الذي سيعطي لاحقا العمود الفقري، وعلى جانبي
الحبل الظهري وعلى طوله يتجمع الميزودرم على هيئة أربعين زوجا من القطع somites
وذلك بنهاية الشهر الأول من التطور. تشكل الأجزاء الداخلية للقطع الميزودرمية
المحاذية للحبل الظهري وللأنبوب العصبي والحبل الظهري نفسه الفقرات والأضلاع أما
الأجزاء الخارجية فتشكل أدمة الجلد التي تلتحم مع البشرة الإكتودرمية المنشأ، وأما
الجزء الأوسط من القطع فيشكل العضلات وجزء من الأطراف. كذلك فإن بعض ميزودرم يشكل
الكلى والغدد التناسلية وقشرة الكظرية، والبعض الآخر يشكل البريتون الجداري والعضلات
الملساء للقناة الهضمية والممرات التنفسية ملتحمة بذلك مع الطلائية الإندودرمية
الأصل، كما يشكل البريتون الحشوي. ويشكل التجويف المتكون بين طبقتي البريتون تجويف
السيلوم coelom وبنهاية هذه المرحلة تبدأ العظام بالتحول من
صفائح غضروفية إلى عظام، وتتشكل العضلات بشكل جيد وتبدأ بالانقباض وتأخذ معظم
الأعضاء شكلها وصورتها النهائية.
الشكل 23 - 11: مراحل تطور الجهاز العصبي: أ) علقة في
مراحل متتابعة من التطور، ب) التراكيب العصبية وخلافها) التي تتطور أثناء تلك
المراحل كما تبدو في مقطع عرضي .
الشكل 23 - 12: تطور العلقي خلال الأسبوع الخامس (أ)
والسادس (ب). لاحظ وجود الثنية الرأسية والذيلية وبروز کيس المح
خارج الجنين.
الشكل 23 - 13: تطور المعي: لاحظ بروز الغدة الدرقية
والجهاز التنفسي من المعي الأمامي والكبد والبنكرياس من المعي المتوسط.
ونود أن نفرد فقرة خاصة هنا بتشكل الجهاز الدوري،
فبدايات تشكل الأوعية الدموية تحدث في بداية الأسبوع الثالث، إذ تظهر تجاويف صغيرة
ضمن ميزودرم (الحشوي) تبطن بسرعة بخلايا طلائية ثم تغطى بخلايا میزنکيمية الأصل.
تتصل هذه التجاويف ببعضها مشكلة أوعية دموية تنتشر بسرعة كبيرة، لتصنع شبكة واسعة
تعطي لاحقا القلب والأوعية الدموية والليمفية. ففي نهاية الأسبوع الثالث يلتحم
وعاء آن دمويان ليعطيا القلب الذي ينشي بشكل يشبه حرف S
ويبدأ بضخ الدم في غضون ثلاثة أيام تقريبا. أما خلايا الدم الأولى فإنها تتكون في
كيس المح، وينتقل مركز تكوينها لاحقا إلى الكبد ثم في مرحلة لاحقة إلى نخاع
العظام.
الدورة الدموية للجنين Fetal Circulation
تمتاز الدورة الدموية للجنين بوجود ثلاث تحويلات في
مسار الدم ليست موجودة في المولود الطبيعي أو في البالغ (شکل 23 -
14 ). فالدم المحمل بأكسجين يأتي الجنين قادما بواسطة الوريد السري umbilical
vein الذي يمر بالكبد لا ليستخرج منه المواد المغذية ويخزنها كما في
البالغ بل لإمداد الكبد بأكسجين والمواد الغذائية ثم يخرج الدم من الكبد بواسطة
وريد كبدي غير أن بعض الدم يمر بالتحويلة shunt الأولى قبل
دخوله الكبد وذلك من خلال مروره بالقناة الوريدية ductus venosus
التي تتجاوز الكبد وتنقل الدم رأس إلى الوريد الأجوف السفلي الذي يصب فيه أيضا
الوريد الكبدي. يمر بعض الدم المحمل بأكسجين الواصل إلى الأذين الأيمن بتحويلة
ثانية وذلك عبر مروره بالثقب البيضوي foramen ovale نحو الأذين
الأيسر مما يجعل هذا الدم يختلط مع الدم غير المحمل بأكسجين الموجود في الأذين
الأيسر. يغلق الثقب البيضوي عادة قبل الولادة تاركا أثرا يدعي نقرة بيضوية fossa
ovalis. كذلك يمر الدم من البطين الأيمن عبر الشريان الرئوي الذي ينقل
قسما منه فقط إلى الرئتين لتغذيتهما وليس لتحميل الدم بالأكسجين حيث لا تزال
الرئتان غير عاملتين، أما القسم الباقي من الدم فيمر بتحويله ثالثة تدعى القناة
الشريانية ductus arteriosus التي تنقل الدم
مباشرة إلى الأبهر. تغلق في مرحلة لاحقة القناة الشريانية ولا يبقى منها بعد
الولادة إلا رباط يدعى رباط شرياني ligamentum arteriosum
.
في الأبهر يتجمع الدم الوارد من الشريان الرئوي عبر
القناة الشريانية والدم القادم من البطين الأيسر (دم قليل الأكسجين) ويوزع الأبهر
الدم إلى باقي أعضاء الجسم في جنين لا يزيد طوله في هذه المرحلة عن 2 . 5 سم فقط.
يصل بعض الدم الذي يوزعه الأبهر إلى الشريان الحرقفي الداخلي الذي يتفرع منه شريان
شري (واحد من كل شريان حرقفي داخلي) وبذا يتكون لدينا شريانان شريان umbilical
arteries ينقلان دما قليل الأكسجين إلى المشيمة التي يتم عبرها التبادل
الغازي مع دم الأم.
المشيمة Placenta
لا تصبح المشيمة متطورة بشكل كامل يمكنها من قيامها
بوظائفها التغذوية والتنفسية والإخراجية والهرمونية والدفاعية إلا بعد حوالي ثلاثة
أشهر من الحمل، لكن المشيمة الكاملة التطور، ذات الشكل القرصي، تبدأ بالتكوين قبل
ذلك بكثير. إذ تعود بدايات تكوينها إلى الكوريون الذي ينشأ من مولد التغذية في
مراحل مبكرة من حياة الجنين، فالخملات الكوريونية chorionic villi
(شکل 23 - 15 ) التي يمدها کوریون في
بطانة الرحم تنغمر في تجاويف مملؤة بالدم تقع ضمن جزء من بطانة الرحم المتساقطة
القاعدية decidua basalis. تكون الخملات الكوريونية بالغة التفرع في
التجاويف المملؤة بالدم، ويتطور بهذه الحملات في الجانب الجنيني أوعية دموية لا
تلبث أن تمتد باتجاه الجنين لتشكل لاحقا الوريد والشرايين السرية. وهكذا نجد أنه
في هذه الحملات الكوريونية يقترب دم الأم ودم الجنين من بعضهما، ولكنهما لا
يتماسا، وعن طريق هذا الاقتراب تستطيع المشيمة أن تؤدي وظائفها المختلفة. فالمواد
المغذية وأكسجين تنتقل عبر المشيمة من دم الأم إلى دم الجنين أما الفضلات
النتروجينية وثاني أكسيد الكربون فإنها تعبر من دم الجنين إلى دم الأم. كذلك تعبر
بعض الأجسام المضادة ( بنقل نشط إنتقائي) من دم الأم إلى دم الجنين فتعطيه مناعة
ضد الإصابة بالأمراض التي سبق للام أن تعرضت لها، لكن هذه المناعة ليست طويلة
الأمد إذلا تعمر سوى بضعة أسابيع بعد الولادة ولكنها مهمة للجنين بينما هو في
الرحم. وأخيرا فإن المشيمة تعتبر غدة صماء من نوع خاص، إذ أنها تفرز هرمون منشط
الغدد الجنسية الكوريوني hCG الذي أشرنا له
والذي يرتبط بمستقبلات هرمون مكون الجسم الأصفر ليحث الجسم الأصفر على إفراز
بروجستيرون وإستروجين وإذا ما بدأت كمية hCG المفرزة من
المشيمة خلال الأسابيع الثمانية الأولى بالتناقص لسبب ما فإن بطانة الرحم تبدأ
بالاضمحلال ولا يتوقع للحمل بهذه الصورة أن يستمر. بالإضافة إلى hCG
تتزايد قدرة المشيمة تدريجيا على إفراز الهرمونات السيترويدية (بروجستيرون
وإستروجين) وتصبح هذه القدرة كبيرة جدا ومهمة لاستمرار الحمل منذ الأسبوع الثاني
عشر حينما يصبح مستوى hCG في الدم قليلا. كما تنتج المشيمة هرمونات
أخرى مثل مدر الحليب المشيمي، human placental lactogen hPL ومنشط الدرقية
الكوريوني، human chorionic thyrotropin والباسط relaxin
، والمثبط inhibin الذي يثبط إنتاج FSH
الشكل 23 - 14: الدورة الدموية وتحويلاتها في الجنين.
تجدر الإشارة هنا إلى أن المشيمة تنفصل وتنسلخ عن جدار
الرحم بعد ولادة الجنين مباشرة ومن هنا فإنها سميت متساقطة decidua
أو خلاصة after birth . تستخدم الخلاصة من قبل شركات المواد
الطبية لاستخلاص الهرمونات منها، كما تستخدم كمصدر لبعض مشتقات الدم، وتستخدم
أجزاء منها أحيانا كرقع لتغطية الحروق، ويستفاد من الوريد والشرايين السرية في
ترقيع وإصلاح الأوعية الدموية، وأخيرا يمكن أن تستخدم المشيمة كمصدر للحصول على
بعض العقارات والأدوية.
من جانب آخر فإن المشيمة تشكل مكانا لانتقال الأدوية مع
دم الأم إلى الجنين فكثير من الأدوية التي تتناولها الأم تصل إلى الجنين، فتناول
الكحول مثلا والتدخين وتناول الأسبرين والمخدرات كلها تؤثر على الجنين بشكل واضح
وحيث أن مرحلة تكوين الأعضاء مرحلة حرجة جدا، إذ قد يؤدي وصول الأدوية إلى الجنين
خلال هذه الفترة إلى تشوهات في الجنين، لذا فإن تناول الأدوية خلال المراحل
المبكرة من الحمل ( الثلاثة أشهر الأولى) له نتائج وخيمة جدا ولا ينصح به إطلاقا.
الفصل الثالث والعشرين:
·
نقل الحيوانات المنوية في
القنوات التناسلية الأنثوية
·
تحفيز
الحيوانات المنوية على تلقيح البويضة
·
اختراق الحيوان المنوي
للبويضة
·
تطور
الزيجوت قبل الوصول إلى مرحلة العلقة
·
تكيفات ما بعد
الولادة مباشرة
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment