أيض العضلات Muscle Metabolism
حاجة العضلات إلى الطاقة ATP
لقد أشرنا في بند آلية الانقباض إلى أن العضلة تحتاج
إلى طاقة على شكل ATP للأسباب الآتية:.
1. تفعيل مضخة كالسيوم التي تعيد خزن كالسيوم في أنابيب
الشبكة الساركوبلازمية المتطاولة حيث ينتقل منها بعد ذلك إلى الأكياس الجانبية.
2- فصل الجسور العرضية (رؤوس میوسین) عن
أماكن ارتباطها بأكتين كخطوة لإعادة تدوير recycling الجسور العرضية
وقد رأينا أن مجرد ارتباط ATP بموقع ارتباطه
على الجسر العرضي يكفي لفك ارتباط الجسر العرضي بأكتين.
3. تمويل شوط القوة بالطاقة اللازمة لإتمامه، إذ أن
تحرر الطاقة المخزونة في ATP عند تحطيمه
بواسطة نشاط ميوسين محلل ATP، يحدث انشقاء في
رأس الجسر العرضي المرتبط بأكتين فيحدث بذلك الانزلاق.
مصادر الطاقة Energy Sources
1.
ATP
المخزون: تخزن العضلات كميات قليلة من ATP (2 - 4
مليمول / لتر) تكفيها للانقباض لمدة تتراوح بين 4 - 6 ثوان، وحيث أن معظم نشاطات
الجسم العضلية تتطلب العمل لفترات أطول من ذلك، لذا فإن كمية الطاقة المخزونة في
العضلة على هيئة ATP جاهز لا تفي فعلا باحتياجات الجسم وإنما
تكفيه فقط لكي يبدأ النشاط العضلي، وعلى العضلات من الآن فصاعدا أن تفتش عن مصادر
أخرى للطاقة.
2.
فوسفات كرياتين
المخزون Stored creatine phosphate: جزيء فوسفات
كرياتين هو جزيء ذو رابطة فوسفاتية عالية الطاقة يوجد في عضلات الفقريات وبعض
اللافقريات (اللافقريات الأخرى تحتوي على مركب آخر مناظرهوفوسفات أرجنين). يزود
فوسفات كرياتين العضلة بالطاقة اللازمة لمدة 10 - 15 ثانية إضافية ويكون ذلك عادة
عن طريق إعادة شحن جزئيات ADP بالطاقة لتصبح ATP،
ويتم التفاعل على النحو الآتي:
وهكذا فإن ATP المخزون وفوسفات كرياتين معا يستطيعان تمويل العضلة لتنقبض بطاقتها القصوى لمدة 15 - 20 ثانية وهذا يكفي لإتمام النشاطات الرياضية التي تحتاج إلى كمية كبيرة من القوة ولكنها لا تستمر لفترة طويلة مثل رفع الأثقال والغوص والربع والركض لمسافات قصيرة (100 متر مثلا). تجدر الإشارة إلى أن استهلاك العضلة لمخزونها من فوسفات كرياتين يعد دينا عليها إذ عليها أن تسدده لاحقا وذلك ببناء مخزونها من فوسفات كرياتين ويتم ذلك بعكس التفاعل السابق ولكن بعد أن تنتج العضلة كميات كافية من ATP. متى تنتج هذه الكميات من ATP؟ الجواب هو عندما تكون في حالة راحة ولديها إمداد جيد من الدم المزود بالغذاء والأكسجين.
3- التنفس الهوائي Aerobic
respiration : يبدأ التنفس الهوائي بالعمل لانتاج ATP
منذ بدء النشاط العضلي ( بينما تقوم العضلة باستخدام ATP
المخزون وفوسفات كرياتين). ولكن نظرا لأن تفاعلات التنفس الهوائي تتضمن خطوات عدة
لذا فإنها تعتبر بطيئة نسبيا، ولهذا فهي لا تفيد في نشاطات عضلية قصيرة الأمد بل
تفيد في نشاطات عضلية خفيفة ولكنها مستمرة لفترة زمنية لا بأس بها مثل المشي
والهرولة وركض الماراثون والسباحة الاستجمامية.
في هذه النشاطات تعتمد العضلة أولا على الأحماض الدهنية
كوقود للتنفس الهوائي (عملية أكسدة الأحماض الدهنية تنتج أستيل مرافق الأنزيم أ
الذي يدخل دورة كربس) (شکل 4 - 9). لكن ولأن
هذه الأكسدة بطيئة نسبية أيضا فإنه عندما يزداد نشاط العضلة تلجأ إلى أكسدة جلوكوز
الذي يأتي إما من الدم مباشرة أو من تحلل جليكوجين المخزون في العضلة (شكل 4 - 2).
وفي جميع الأحوال (سواء حرقت الدهون أم حرق جلوكوز من مصدريه)، فإن المركبات
الناتجة تدخل دورة کربس Kreb ' s cycle (شكل 4 - 10) ويصاحب ذلك إنتاج مركبات حاملة
للهيدروجين تدخل في سلسلة نقل الإلكترون electron transport chain
مما يؤدي إلى إنتاج ATP بعملية الفسفرة التأكسدية. وتلخص المعادلة
الآتية تفاعل جلوكوز وأكسجين لاعطاء ATP.
وفي التفاعل السابق ينتج 36 مولا من ATP
عند احتراق مول واحد من جلوكوز كما تنتج نواتج ثانوية هي ,CO
والماء التي يخرجها الجسم عن طريق الدم ثم جهاز التنفس. يلاحظ من هذه المعادلة أن
استمرار إنتاج ATP الضروري لاستمرار النشاط العضلي المستديم sustained
يحتاج إلى استمرار تزويد العضلة بجلوكوز (وهذا أمر ممكن لحد ما ) واستمرار تزويدها
بالأكسجين بكميات كافية وهو أمر غير ممكن تماما لسببين:
أ. أن انقباض العضلات وانتفاخ بطنها يسبب ضغطا على الأوعية
الدموية مما يعيق تدفق الدم خلالها بكمية تكفي التزويدها بالأكسجين (وبجلوكوز
جزئيا لولا الاعتماد على جليكوجين المخزون).
ب. أن النشاطات العضلية القصوى تحتاج إلى كميات من الأكسجين
أكبر من قدرة جهاز التنفس على التزويد فنشاط عضلي يحتاج إلى 12 ثانية من
الانقباضات القصوى يحتاج إلى 6 لترات من الأكسجين للحصول على الطاقة بواسطة التنفس
الهوائي لكن الجهاز التنفسي لا يقدم خلال هذه الفترة الزمنية سوى 1 . 2 لتر من
الأكسجين، وهكذا فإن 80 % من الاحتياجات من الأكسجين لا تكون قد تحققت. ماذا تصنع
العضلة لاتمام هذا النشاط؟
4- تحلل جلوكوز لا هوائية وتكوين حامض اللبنيك: Anaerobic
glycolysis and lactic acid formation عندما لا تكفي
كمية الأكسجين لحرق الوقود الوارد إلى العضلة، تلجأ العضلة إلى وسيلة أخرى لتمويل
النشاطات العضلية المستديمة مثل لعب كرة القدم والتنس والسباحة التنافسية. تتمثل
هذه الوسيلة بتحليل جلوكوز إلى حامض بيروفيك (دون إتباع ذلك بدورة كربس والفسفرة
التأكسدية) (شکل 4 - 9). وحيث أن هذه الخطوات تنتج
كمية من الطاقة (2ATP لكل جلوكوز) دونما حاجة إلى الأكسجين، لذا
فإنها يمكن أن تزود انقباضات العضلة القصوى بالطاقة ولفترة معقولة نسبيا (30 - 40
ثانية). لكن وبما أن تحلل جلوكوز لاهوائيا لا يستمر إلا إذا زودنا الخلايا بمركبات
حاملة للهيدروجين (NAD مثلا)، وبما أن هذه المركبات يمكن أن تنضب
إذا استمر تحلل جلوكوز فإن العضلة تلجأ إلى وسيلة لتوفير هذه المركبات وهذه
الوسيلة هي إنتاج حامض لبنيك من بيروفيك كما في التفاعل الآتي: وهكذا يمكن أن
نلاحظ ما يلي :
1.
أن تحلل جلوكوز
دون وجود الهواء يستهلك كمية كبيرة من جلوكوز وينتج كمية قليلة من الطاقة مقدارها
حوالي 5 % من الطاقة المخزونة في الجلوكوز ( 2ATP / 36ATP ). 2.
2.
أن الفائدة
الأساسية من تحلل جلوكوز لا هوائية تكمن في أنه يعطي محصولا من الطاقة في فترة
قصيرة جدا إذ أنه أسرع من التنفس الهوائي بحوالي مرتين ونصف.
3.
أن غياب الأكسجين
وتحلل جلوكوز لا هوائية يؤدي إلى إنتاج حامض البنيك ينتشر في العضلة ويسبب تعبها fatigue
كما تؤدي الحموضة الناتجة عنه (H) إلى زيادة معدل
التنفس وعمقه. لكننا سنجد أن كل هذا الحامض سيزال من العضلة في خلال 30 دقيقة بعد
انتهاء التمرين حيث يصل إلى الكبد وهناك يعاد تحويله إلى حامض بيروفيك وبالتالي إلى
جلوكوز.
4.
أن الطاقة الناتجة
عن تحلل جلوكوز دون وجود الهواء و ATP وفوسفات كرياتين
المخزون جميعها تكفي العضلة للانقباض بشكل قوي لمدة دقيقة واحدة تقريبا.
5.
أن ترتیب استهلاك
مصادر ATP في العضلات هي على النحو الآتي : ATP
المخزون، فوسفات كرياتين المخزون، ثم التنفس الهوائي. فإذا كان التمرين الرياضي
عنيفا (70 % من الحد الأقصى) أو طويل الأمد فإن التنفس الهوائي لا يفي بالغرض
وعندها تلجأ العضلة إلى آليات تحلل جلوكوز لاهوائية وانتاج حامض لبنيك. ويشار إلى
طول الزمن الذي تستطيع أن تستمد فيه العضلة الطاقة من التنفس الهوائي بأنه تحمل
هوائي aerobic endurance أما الدرجة التي تلجأ عندها العضلة إلى
التنفس اللاهوائي (تحلل جلوكوز) فإنها تدعى عتبة لاهوائية anaerobic
threshold . وطالما أن العضلة تقوم بتمرين معتدل خفيف - متوسط) أي تحت
العتبة الهوائية فإنها يمكن أن تستمر في العمل عدة ساعات في الأشخاص المدربين ولكن
هذه المدة تقصر إلى 1 - 2 دقيقة عندما تعمل بعنف فوق العتبة اللاهوائية.
دين الأكسجين Oxygen Debt
تحتاج العضلة، بعد انتهاء فترة التمرين، إلى أن تبني ما
فقدته من فوسفات كرياتين ومن جليكوجين. ولأن بناء كل من هذين المركبين يحتاج إلى
الطاقة، لذا فإنه لا بد للعضلة من الحصول على ATP
لإعادة بنائهما. من أين تأتي الطاقة المتمثلة ب ATP؟
يمكن أن تأتي هذه الطاقة، بعد انتهاء فترة النشاط العضلي، من عملية التنفس الهوائي
وما يصاحبها من فسفرة تأكسدية، ولكن ونظرا لأن التنفس الهوائي يحتاج إلى أكسجين،
لذا فإن الجسم يستمر في التنفس بعمق أكبر وبمعدل أعلى حتى بعد توقف التمرين، من
أجل إتمام عملية التنفس الهوائي التي ستنتج كمية من ATP
كافية لإعادة بناء فوسفات كرياتين وجليكوجين بكميات تعوض ما فقد من العضلة أثناء
التمرين. لذلك فإن المؤلفين يرون أن استمرار الجسم بالتنفس بعمق وبمعدل أعلى حتى
بعد توقف التمرين يمثل نوعا من تسديد الدين الذي ارتكبته العضلة أثناء التمرين،
وهم يسمونه دين الأكسجين. فعندما كان النشاط العضلي عالية لم يكن لدى العضلة
أكسجين كاف لذا فقد بدأت بحرق جلوكوز القادم من الدم ومن جليكوجين العضلات مستخلصة
منه أقل قدر من الطاقة، ولكن عندما توقف التمرين فإنها تستخدم الكثير من الأكسجين
لإنتاج الطاقة لإعادة بناء جلوكوز وجليكوجين اللذين هدرا بثمن رخيص. يجدر بالذكر
أنه كلما كان التمرين العضلي عنيفا (وبالتالي كان استهلاك جليكوجين كبيرا )، كانت
فترة التنفس القوي الذي يتبع التمرين أطول.
كيف يتم بناء المركبات التي هدرت؟ لقد رأينا في شكل 4 -
13 أن معظم التفاعلات الأيضية، ابتداء من حامض لبنيك وحتى بناء جلوكوز وجليكوجين
هي تفاعلات منعكسة (باستثناء الخطوات 10، 3) ولهذا فإن الأنزيمات المساعدة لسير
التفاعلات باتجاه بناء حامض لبنيك ( أي إلى اليمين) تقوم بإعادة تحويل حامض لبنيك
إلى جلوكوز ويتم جزء كبير من هذه التفاعلات في الكبد إذ أن تحويل glucose6
- phosphate إلى جلوكوز يتم في الكبد وأن جلوكوز المتكون في الكبد يمكن أن يمر
إلى الدم وإلى العضلات حيث يعاد خزنه ثانية، إذا ما كان تركيزه مرتفعا، على هيئة
جليكوجين بتأثير الهرمونات المناسبة.
الفصل الثالث عشر:
·
ترتيب الحزم العضلية في
العضلة
·
تركيب
العضلات الهيكلية المكون الضام
·
التنظيم
المجهري للييفات العضلية
·
التركيب الدقيق و الكيميائي
للييفات
·
الشبكة
الساركوبلازمية والأنيبيبات المستعرضة
·
العلاقة التركيبية والوظيفية
بين الأنيبيب المستعرض والأكياس النهائية
·
استنفار أعداد متباينة من
الوحدات الحركية
·
منحنى الطول والتوتر في
العضلة
·
إنتاج الحرارة أثناء النشاط
العضلي
·
الانكماش العضلي الناتج من
عدم الاستعمال
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment