انقباض الليف العضلى Contraction of Muscle Fiber
ينقبض الليف العضلي المخطط إذا ما جرى تنبيهه بواسطة
المحور العصبي الواصل إليه أو إذا ما نبه كهربائية أو كيميائية أو اليا بمنبه
مناسب. في جميع هذه الحالات يحدث تغير في فرق الجهد عبر غشاء الليف العضلي، إذ
يكون الليف عند الراحة في حالة استقطاب ويكون جهد الراحة حوالي - 90 مليفولت. عند
التنبيه تتم إزالة للاستقطاب ثم عکس له ليصبح داخل الليف
حوالي 35 مليفولت. تنتشر إزالة الاستقطاب هذه عبر فتحات الأنيبيبات المستعرضة ثم تؤثر
على مجسات فرق الجهد الموجودة في غشاء هذه الأنيبيبات وهذه بدورها تؤثر على
الأقدام الموجودة في الأكياس الجانبية للشبكة الساركوبلازمية والتي تعمل كقنوات
الكالسيوم فتسبب مرور كالسيوم المخزون في الأكياس الجانبية للشبكة الساركوبلازمية
لينتشر بين خيوط اللييفات العضلية مسببا انقباضها وقصر القطع العضلية والتي تؤدي
بمجموع وظائفها إلى قصر الليف العضلي بالكامل.
آلية الانقباض Mechanism of Contraction
فرضية الخيوط المنزلقة Sliding filaments
hypothesis
لقد لاحظ العالمان A . F . Huxley
& R . Niedergenke عام 1954 باستخدام المجهر الضوئي التداخلي interference
light microscope أن عرض شريط A
يبقى ثابتا أثناء الانقباض بينما يضيق كل من شريط 1 ومنطقة H.
كذلك فإنه عند شد العضلة يبقى عرض شريط A ثابتا أما عرض
كل من H .I فيزداد. وقد أكد هذه الملاحظات كل من
العالمين H . E . Huxley & J . Hanson في نفس العام باستخدام المجهر مع تغير طول العضلة. وقد خرج H.
E
. Huxley و A. F . Huxley عام 1954 كل على
حدة بفرضية الخيوط المنزلقة التي تنص على أن قصر القطعة العضلية والليف العضلي
بالتالي أثناء الانقباض يحدث بسبب انزلاق الخيوط الرفيعة المكونة لشريط I
بين الخيوط السميكة المكونة لشريط A باتجاه مركز
القطعة العضلية. وأنه أثناء الانبساط أو أثناء شد العضلة تقل درجة التداخل بين
الخيوط السميكة والرفيعة أو يحدث انزلاق للخيوط الرفيعة بعيدا عن مركز القطعة
العضلية. وحيث أن هذه الفرضية أشارت بوضوح إلى أنه لا الخيوط السميكة ولا الخيوط
الرفيعة تقصر أثناء الانقباض لذا فإنها تناقض الكثير من النظريات السابقة والتي
كانت تؤكد على أن قصر العضلة يتم بسبب قصر الخيوط السميكة أو الرفيعة (شكل 13 -
12).
ما الذي يسبب انزلاق الخيوط ؟
عندما يكون الليف العضلي في حالة استرخاء يكون تركيز
كالسيوم بداخله منخفضا (حوالي 10 مول / لتر) وفي هذه الحالة يكون البروتين
التنظيمي تروبومایوسين مستقرا بين أكتين
ورأس ميوسين ( الجسر العرضي) فيمنع بذلك ارتباط ميوسين بموقع ارتباطه على أكتين وهكذا
لا يمكن أن يحدث انزلاق للخيوط على بعضها البعض. عندما يحدث تنبيه لليف العضلي،
بواسطة الأعصاب مثلا، يتحرر كالسيوم من مخازنه في الأكياس الجانبية فيرتفع تركيزه
داخل الليف إلى حوالي 10 مول / لتر. يرتبط كالسيوم المتحرر إلى البروتين التنظيمي
تروبونين وتحديدا إلى TnC، إذ يرتبط أولا أيونا كالسيوم إلى TnC
لتنشيطه ويرتبط TnC المنشط هذا إلى أيوني كالسيوم آخرين على
موقع غTnC مختلف عن الذي ارتبط به الأيونان السابقان.
يؤدي ارتباط أربعة أيونات كالسيوم إلى TnC
إلى إحداث تغير في شكله الفراغي ويؤدي هذا التغير في الشكل إلى ابتعاد تروبونين عن
الاتصال بأكتين، كما يؤدي إلى سحب تروبومایوسین جانبا
ليستقر في النهاية في الأخدود المتكون بين خيطي أكتين (شکل 13 -
13). تؤدي هذه الإزاحة الجانبية إلى تعرية موقع ارتباط ميوسين الموجود على أكتين مما
يمكن رأس ميوسين ( الجسر العرضي) من الارتباط بأكتين .
أن ارتباط ميوسين ( الخيط السميك) بأكتين ( الخيط
الرفيع) فقط لا يكفي لأحداث انزلاق الخيوط، ما الذي يحدث انزلاق الخيوط إذا؟ أن
انزلاق الخيوط السميكة والرفيعة على بعضها يعتمد على نشاط میوسین محلل
ATP
والذي أشرنا له سابقا وهو يتم على أربع مراحل،
تدعى مجتمعة تدوير الجسور العرضية cross -
bridge cycling على النحو الآتي (شكل 13 - 14):
1- ارتباط الجسر العرضي لميوسين بأكتين: يكون
الجسر العرضي لميوسين قد ارتبط في المرحلة السابقة (المرحلة الرابعة لدورة سابقة)
بجزيء ATP في موقع الارتباط الخاص بذلك كما أن نشاط ميوسين الأنزيمي يكون قد
حلل ATP إلى ADP + Pi (اللذين يبقيا مرتبطين) وإلى طاقة تسبب
تحفيزا للجسر العرضي لميوسين إذ يصبح مزودة بالطاقة (تماما كما يحدث لزنبرك إذا ما
ضغط) ويطلق عليه ميوسين المحفز ويرمز له بالحرف*M.
يؤدي تحفيز ميوسين إلى ارتباطه بأكتين (A) في موقع
ارتباطهما معا بعد أن يكون تروبومايوسين قد أزيح من مكانه بفعل كالسيوم.
وهكذا فإن النتيجة هي تكوين معقد يمثل ارتباط ميوسين
بأكتين وبقاء كل من ADP ، Pi مرتبط بميوسين،
ويجدر أن نلاحظ هنا أن الجسر العرضي المرتبط بأكتين في هذه الخطوة يشكل زاوية
قائمة تقريبا مع الخيط الرفيع أكتين.
2- انزلاق خيط أكتين نحو مركز القطعة العضلية (شوط القوة
power stroke): تؤدي الخطوة
السابقة (ارتباط ميوسين بأكتين) إلى تحرر الطاقة المخزونة فيه والتي اكتسبها من
تحطم ATP، ويتمثل تحرر الطاقة هذا بانثناء رأس ميوسين ( الجسر العرضي)
ليصنع زاوية مع بقية الخيط السميك مقدارها 45°، وحيث أن الجسر العرضي مرتبط بأكتين
في هذه الخطوة فإن انثناء رأس ميوسين يسحب أكتين معه مما يشكل انزلاقا للخيط
الرفيع و بالتالي لقرص Z باتجاه مركز القطعة العضلية. يمكن النظر إلى
انثناء رأس ميوسين على أنه تغير في شكل ميوسين من وضع ذي طاقة عالية إلى وضع ذي
طاقة منخفضة. كذلك، فإنه في هذه المرحلة يحدث تحرر لنواتج تحلل ATP
إذ يطرح كل من Pi ، ADP تمهيدا الإحلال جزئ ATP جديد محلهما.
يمكن في نهاية هذه الخطوة ملاحظة أن أكتين وميوسين
مرتبطان وأن ميوسين لم يعد محفزة. تؤدي عملية الانزلاق السابقة إلى تقريب كل من
قرصي Z باتجاه مركز القطعة العضلية بمقدار 10 نانومتر، أي أن القطعة
العضلية تقصر بمقدار 2 10x نانومترا = 20
نانومترا، لأن القصريتم من الجانبين. لكن هذا القصرلا يعد كافيا لتفسير قصر العضلة
الذي يتراوح بشكل روتيني بين 30 - 35 % من طول العضلة، ولهذا فإنه لا بد من تكرار
عملية الانزلاق مرات عديدة لكي يعطي مجموع الانزلاقات قصرا كافيا للعضلة. ولكي
تتكرر عملية الانزلاق فإنه لا بد من إعادة استخدام الجسور العرضية ثانية في
انزلاقات جديدة.
الشكل 13-12: فرضية الخيوط المنزلقة: إلى اليسار قطع
عضلية على درجات متباينة من الانقباض والى اليمين رسم تخطيطي لها: أ) قطعة عضلية
في حالة انبساط، ب) قطعة عضلية على درجة متوسطة من الإنقباض، ج) قطعة عضلية كاملة
الانقباض.
3- فصل الجسور العرضية detachment
of cross bridges : يكون ارتباط میوسین
بأكتين في الخطوة السابقة محكما وقد وجد أنه لا يمكن فك هذا الارتباط إلا بعد
ارتباط جزيء ATP جديد على موقع ارتباطه المعهود في رأس
ميوسين. أن فك ارتباط الجسر العرضي لإعادة استخدامه أو لتدويره recycling
بواسطة ارتباط ATP إلى موقع مختلف عن موقع ارتباط أكتين
وميوسين يعد نوعا من التنظيم بالارتباط على موقع مغاير allosteric
regulation إذ أن هذا الارتباط يقلل من قابلية ارتباط الجسر العرضي بأكتين ثم
فصلهما عن بعضهما.
يجدر بالذكر أن فك ارتباط جسر عرضي واحد بأكتين لا يعني
السماح للخيط الرفيع بالانزلاق بالاتجاه العكسي والعودة إلى وضعه السابق وذلك لأن
هناك جسورا عرضية أخرى تتكون في نفس تلك اللحظة وتؤدي إلى مزيد من الانزلاق باتجاه
منتصف القطعة العضلية. وقد وجد فعلا أنه في أي لحظة أثناء الانقباض يكون حوالي 50
% من الجسور العرضية مرتبطة مع أكتين بينما يكون الباقي في حالة انفصال عن أكتين.
وللتحديد بالأرقام، فإذا كان الخيط السميك يتكون من حوالي 400 جزيء ميوسين فإن
حوالي 200 منها تتجه باتجاه أحد أقراص Z بينما تتجه
المائتان الباقية بالاتجاه الآخر ولهذا فإنه في نصف كل قطعه عضلية يوجد حوالي 100
جسر عرضي في حالة ارتباط وتسبب انزلاقا لأكتين بين خيوط ميوسين بينما تكون المائة
الباقية في مرحلة انفكاك ومرتبطة بجزيئات ATP وتستعد لتأخذ
مكانها في الارتباط بأكتين بدلا من زميلاتها التي ستأخذ وضع الانفكاك.
4 - مرحلة تحلل ATP
وتحفيز الجسور العرضية: يتحلل في هذه الخطوة ATP
بفعل النشاط الأنزيمي لرأس ميوسين فتحرر الطاقة الكيميائية منه مسببة تحفيز
ميوسين، بينما تبقى نواتج التحلل مرتبطة بميوسين ويبدو واضحة من هذه المعادلة أن
أكتين وميوسين لا يرتبطان ببعضهما في هذه المرحلة والتي تعد الأخيرة في دورة واحدة
من دورات الجسور العرضية، ولكنهما سيرتبطان ببعضهما في المرحلة الأولى من الدورة
الثانية. إذ سيرتبط ميوسين المحفز" M بما به من طاقة
إلى جزيء أكتين غير ذلك الذي كان مرتبطة به في الدورة السابقة. أن جزيء أكتين
الجديد يقع عادة في مكان أقرب إلى خط Z في كل من نصفي
القطعة العضلية وإذا ما تمت الخطوات اللاحقة فإن الانزلاق الذي سيحدث سيقرب جزيء
أكتين الجديد أكثر فأكثر باتجاه منتصف القطعة العضلية وبالتالي ستقترب خطوط Z
من بعضها تدريجيا.
تجدر الإشارة إلى الأمور الآتية عند النظر في آلية انزلاق
الخيوط :
أ. أن الخطوات الأربع السابقة تحدث فقط إذا ما وصل منبه
ما (عصبي مثلا) إلى الليف العضلي مسببا إزالة استقطاب يتبعه تحرر كالسيوم من
الأكياس الجانبية وارتباطه بتروبونين ثم إزاحة للبروتين التنظيمي تروبومايوسين
ليكشف مکان ارتباط ميوسين بأكتين.
ب. عند توقف السيالات العصبية الآمرة للعضلة بالانقباض
تحدث عودة للاستقطاب وينخفض تركيز كالسيوم إلى حوالي 7-10 مول/لتر، نتيجة لإعادة
ضخه بواسطة مضخة كالسيوم Ca * * pump إلى داخل
الأكياس الجانبية وتتوقف إعادة تدوير الجسور العرضية ويحدث انبساط للعضلة.
ج-أن انبساط العضلة يحتاج في الواقع إلى تحقيق شرطين:
أولهما إعادة ضخ كالسيوم ليصبح تركيزه حوالي او اقل من 10 - 7 مول/لتر، إلى داخل
الأكياس الجانبية وهذا الأمر يحتاج إلى طاقة ATP
لتمويل مضخة كالسيوم، وثانيهما فك ارتباط الجسور العرضية بأكتين وهذا يحتاج
لارتباط جزيئات ATP بمواقع ارتباطها على الجسور العرضية مما
يؤدي لفصلها ( الخطوة 3 من دورة الجسور العرضية). وعلى الرغم من أن هذه المرحلة
نفسها لا يبدو أنها تحتاج إلى طاقة ATP الناتجة عن
التحلل فإن الطاقة الناتجة عن تحلل ATP ضرورية لإتمام
الخطوة الثانية من دورة الجسور العرضية والتي ينجم عنها انزلاق الخيط الرفيع.
الشكل 13-13: آلية ارتباط الجسر العرضي بأكتين: أ)
ارتباط الجسر العرضي بموقعه على أكتين غير متاح بسبب وجود تروبومایوسین ونلاحظ
كذلك ارتباط أيوني كالسيوم بتروبونين، ب) ارتباط أربعة أيونات كالسيوم بتروبونين تمهيدا
لتغيير شكله، ج) تغيير شكل تروبونين وإزاحة تروبومایوسین وتعرية
موقع ارتباط الجسر العرضي، د) ارتباط الجسر العرضي بأكتين تمهيدا لإحداث الانزلاق.
الشكل 13-14: تدوير الجسور العرضية.
أن فهمنا لدور ATP يساعدنا في
تفسير تيبس الموت rigor mortis، إذ أن عضلات الشخص المتوفی تبدأ بالتيبس
في غضون 3 - 4 ساعات بعد الموت ويصل التيبس أقصاه في غضون 12 ساعة تقريبا ثم
يتلاشى التيبس في غضون 48 - 60 ساعة. ماذا يحدث للعضلات أثناء الوفاة؟
بعد توقف التنفس بفترة وجيزة يتوقف إنتاج ATP
في الخلايا ويستهلك كل ما بها من كميات قليلة من ATP
وحيث أن ATP مطلوب أولا لإعادة ضخ كالسيوم إلى خارج
الألياف العضلية أو إلى داخل الأكياس الجانبية لذا فإن تركيز كالسيوم يرتفع في
بيئة القطع العضلية وهذا يعد محفزا للانقباض فيحدث ارتباط للجسور العرضية بأكتين.
ولأن ATP
مطلوب ثانيا لفك الجسور العرضية فإن غيابه بعد الوفاة يمنع الجسور العرضية من أن
تنفصل عن أكتين، الأمر الذي يجعل ارتباطها ارتباطا غير عكسي ويبقى الانقباض قائما.
يزداد هذا الانقباض شدة كلما انخفض مستوى ATP وزاد مستوى
كالسيوم حتى يصل أقصاه في غضون 12 ساعة تقريبا. في مراحل لاحقة من الوفاة تبدأ
الجزيئات البيولوجية مثل أكتين وميوسين وخلافهما بالتحلل تدريجيا مما يسبب
انفصالها عن بعضها البعض حيث يتلاشى تيبس الوفاة.
الشكل 13-15: المراحل المتسلسلة لازدواج التهيج
والانقباض كما تبينها الأرقام 1-6
د. أن معدل تدوير الجسور العرضية يتم بمعدل 100 مرة/ث
فإذا كانت كل عملية تدوير للجسور تؤدي إلى قصر القطعة بمعدل 10 نانومترا فإن
انقباض القطعة العضلية لمدة ثانية كاملة سيؤدي إلى قصر أحد جانبي القطعة بما
مقداره 10 نانومتر × 100 مرة /ث أي 1000 نانومتر/ث (أي 1 میکرومتر)
وهذا يعني قصرا مقداره 2 میکرومتر إذا
ما أخذنا جانبي القطعة العضلية بعين الاعتبار.
ازدواج التهيج والانقباض Excitation - Contraction
Coupling
يصل إلى الألياف العضلية محاور عصبية تعود لعصبونات
حركية motorneurons. توجد أجسام هذه العصبونات إما في جذع
الدماغ أو في القرن البطني للحبل الشوكي وتكون المحاور عادة ميلينية وتعد ذات أكبر
قطر بين عصبونات الجسم. يصل إلى منتصف كل ليف عضلي تقريبا فرع واحد من فروع محور
العصبون الحركي ليشكل المفصل العصبي العضلي NM junction
( الذي جرت الإشارة له في الفصل الثامن)، بينما تصل فروع أخرى من المحور نفسه إلى
ألياف عضلية أخرى.
أما الناقل العصبي الذي تحرره فروع المحور فهو أستيل
كولين الذي يرتبط بمستقبلات نيكوتينية ( الفصل الثامن) موجودة على الصفيحة
النهائية الحركية motor endplate التي تشكل جزءا متخصصا من غشاء الليف العضلي
قابل للتهيج الكيميائي بواسطة أستيل كولين وغير قابل للتهيج الكهربائي كبقية غشاء
الليف. وإذا ما جرى تنبيه الصفيحة النهائية بسبب تحرر أستيل كولين من نهايات
المحور فإنها تعط ي جهد فعل الصفيحة النهائية endplate
potential EPP الذي يمكن أن يغزو بقية غشاء الليف العضلي مشكلا جهد فعل يدفع الليف
العضلي إلى الانقباض ولكن بعد فترة إعاقة latent period
.
يمكن تلخيص الخطوات التي تحدث ابتداء من وصول السيال
العصبي إلى نهايات محور العصبون الحركي وحتى الانقباض على النحو الآتي(شکل 13 -
15):
1. يؤدي جهد الفعل في محور العصبون إلى فتح قنوات
كالسيوم معتمدة
على فرق الجهد موجودة في نهايات المحور مما يسبب دخول
كالسيوم.
2. يؤدي كالسيوم إلى تحرر الناقل العصبي أستيل كولين من
حويصلاته التي تلتحم بغشاء العصبون وتحرر الناقل في الشق التشابكي .
3. يرتبط أستيل كولين بمستقبلاته على غشاء الصفيحة
النهائية فيؤدي إلى فتح قنوات غير نوعية تسمح بدخول الأيونات الصغيرة مما يعطي جهد
فعل الصفيحة النهائية EPP الذي يكون متدرجا ويعتمد على كمية الناقل
المتحررة ولكنه يكون في الغالب من الكبر بحيث يمتد إلى غشاء الليف العضلي الواقع
خارج الصفيحة النهائية ويسبب هناك إنشاء جهد فعل في ذلك الغشاء
4. ينتشر جهد الفعل على كامل غشاء الليف العضلي ويغزو
الأنيبيبات المستعرضة ويؤثر على البروتينات الموجودة في الأنيبيب المستعرض وهذه
تؤثر بدورها على بروتينات أقدام الأكياس الجانبية التي يعدها البعض بأنها قنوات
كالسيوم مما يسبب تحرر كالسيوم المخزون في الأكياس الجانبية فيرتفع تركيزه في بيئة
القطع العضلية ( بين 7-10
5. يرتبط كالسيوم بالبروتين التنظيمي تروبونين فيتغير
شكله وتنظيمه الفراغي فيسحب معه تروبومايوسين معريا بذلك مواقع ارتباط ميوسين
بأكتين.
6. يرتبط ميوسين بأكتين ويصاحب ذلك ارتباط ATP
وتحلله منتجا طاقة تسبب انزلاق الخيوط الرفيعة بين الخيوط السميكة مما يؤدي إلى
قصر القطعة العضلية وبالتالي الليف العضلي والعضلة بالكامل. تدعى الخطوات الثلاث
الأخيرة التي تمثل انتشار جهد الفعل على غشاء الليف والأحداث اللاحقة له حتى
الانقباض، ازدواج التهيج والانقباض
E - C coupling.
7. إذا توقف سيل السيالات العصبية القادمة من محور
العصبون فإن كالسيوم المتحرر يعاد خزنه داخل الشبكة الساركوبلازمية، ربما بواسطة
البروتين مخزن كالسيوم calsequestrin الموجود في
أكياس الشبكة، وعندما يقل مستوى كالسيوم عن 7-10 مول/ لتر فإن العضلة تنبسط تماما.
تنظيم انقباض العضلة Regulation of Muscle
Contraction
إذا نبهنا عضلة كاملة بمنبه واحد فوق عتوي ثم سجلنا
استجابة العضلة بواسطة جهاز كالمبين في شكل 13 - 16 آخذين بعين الاعتبار المجرى
الزمني لهذه الاستجابة، فإننا نلاحظ المراحل الثلاث الآتية للاستجابة التي يطلق
عليها معا ومضة عضلية muscle twitch .
أ-مرحلة الإعاقة (التلكؤ) Latent period
وتستغرق حوالي 5 ملثانية تقريبا وهي تعقب التنبيه مباشرة وتستغلها العضلة في احداث
ازدواج التهيج والانقباض.
الشكل 13-16: أ) الجهاز المستخدم لتسجيل انقباض العضلات
مخبريا وهويتكون بشكل أساسي من حامل رأسي ثابت ومحول قوة، لتحويل الانقباض
الميكانيكي للعضلة إلى إشارة كهربائية، يتصل بإبرة تخطيط، وقضيب في الأسفل لشد
العضلة وتثبيتها وقطبان لتنبيه العضلة كهربائيا، ب) مخطط لومضة عضلية.
ب. مرحلة الانقباض Contraction
period وهذه تتراوح بين 10 - 100 میلثانية
وذلك اعتمادا على ما إذا كانت الألياف العضلية المكونة للعضلة سريعة أم بطيئة. هذه
المرحلة تمثل تحرير كالسيوم وانزلاق الخيوط العضلية وقصر العضلة إذا ما استطاعت التغلب
على المقاومة المتمثلة بالوزن المعلق بها (في حالة الجسم الكامل وزن العضلة نفسها
ووزن العظام والأنسجة المرتبطة بها وأي أوزان أخرى مرتبطة بها، أما في حالة الجهاز
المبين في الشكل فوزن العضلة والرافعة والزنبرك والخيط). وفي هذه المرحلة يزداد
توتر العضلة أو قوة انقباضها بشكل حاد.
ج – مرحلة الانبساط Relaxation period
تكون هذه المرحلة أطول قليلا من مرحلة الانقباض و الإجمال تكون أطول قليلا من 100
مليثانية. يحدث في هذه المرحلة إعادة ضخ كالسيوم إلى الشبكة الساركوبلازمية
وانفصال الجسور العرضية وعودة العضلة إلى طولها الطبيعي. عندما تنفصل الجسور
العرضية لميوسين عن الخيوط الرفيعة فإن المكون المطاطي series - elastic element ، المتمثل
بالغشاء البلازمي للألياف والأنسجة المطاطية، يعيد العضلة إلى طولها الطبيعي. وفي
هذه المرحلة يقل توتر العضلة وتقل قوة انقباضها لتصل إلى ما كانت عليه قبل حدوث
الانقباض.
ويجب أن نلاحظ هنا أن الومضة العضلية تكون بشكل عام
سريعة جدا وقصيرة وإن كانت تختلف من عضلة لأخرى فهي شديدة السرعة وقصيرة مثلا في
العضلات المحركة للعين وهي طويلة وبطيئة نسبيا في عضلات الساق السفلى كالسمانية
والكعبية soleus وذلك اعتمادا على الخصائص الأيضية للعضلات
وعلى الاختلافات الأنزيمية.
وحيث أن الومضة العضلية الواحدة لا تعطي قوة كافية
لإنجاز الشغل المطلوب في الجسم لذا فإن الومضات العضلية المتفرقة لا تعد مثالية
لعمل الجهاز العضلي بل إنها أحيانا إذا ما حدثت فإنها قد تعتبر مؤشرا لحدوث بعض
الاضطرابات العصبية العضلية. إذا فما هي الطريقة الفعلية لعمل العضلات؟ إن
الانقباضات العضلية داخل الجسم تكون عادة أطول في المدى الزمني الذي تستغرقه،
وأكثر تناسقا، كما تكون القوة الناتجة عنها متغيرة في مقدارها حسب ما هو مطلوب من
الجسم إنجازه من شغل.
كيف يتم تنسيق الحركات العضلية لإنجاز مهام الجسم
المتباينة؟ يتم ذلك باستخدام آليتين:
أ. تغيير تكرار التنبيه Changing of Stimulation
Frequency
يؤدي تكرار جهد الفعل الواحد القادم من محور العصبون
الذي جرى تنبيهه إلى إحداث جهد فعل في غشاء الليف العضلي وإلى انقباضه بأقصى قوة
(ولهذا فإن انقباض الليف الواحد يوصف بأنه استجابة كل أو عدم (all or -
none ). لكن جهود الفعل القادمة من محور العصبون تصل إلى الليف العضلي
عادة على هيئة سيل أو قطار من جهود الفعل trains of A. P
. لا على هيئة جهد فعل منفرد واحد. على الرغم من أن جهد الفعل في محور العصبون
سيؤدي إلى جهد فعل أو أكثر في الليف العضلي، فإن جهد الفعل في الليف العضلي يستغرق
زمنا أقصر بكثير مما يستغرقه الانقباض العضلي لذلك الليف.
لهذا السبب فإنه عند تتابع المنبهات وبالتالي جهود
الفعل في العصبون، ينشأ جهد الفعل التالي و الليف العضلي قبل أن يكتمل انبساط
الليف العضلي العائد للانقباض السابق، وهكذا يحدث انقباض جديد بأقصى قوه ولكن،
ونظرا لأن الانقباض الجديد يضاف فوق بقية الانقباض السابق، فإن الانقباض يصبح أقوى
من سابقه. إذا تكرر هذا الأمر بتكرار التنبيه فإن كل انقباض لاحق يضاف إلى ما سبقه
من انقباضات لينتج لدينا انقباضات متلاحقة ، متجمعة، تحدث بمجموعها انقباضة أطول
أمدا من الومضة العضلية كما أن المقدار الكلي للانقباض سيكون أكبر من ذلك في
الومضة العضلية وبشكل يتناسب مع مقدار الشغل المطلوب إنجازه.
لقد جرى استخدام عدة اصطلاحات لوصف الظواهر السابقة.
فإضافة انقباض إلى آخر يدعى تجميع زمني temporal summation لأنه جرى بالاستفادة من عامل الزمن أي بدأ الانقباض التالي قبل أن
يكتمل الانبساط السابق.
الشكل 13-17: مخططات تبين استجابة عضلة عند تنبيهها
بمنبهات كهربائية متزايدة التكرار.
وكلما زاد تكرار المنبهات في وحدة الزمن كلما أعطي
الليف العضلي والعضلة زمنا أقصر للانبساط فتزداد قوة الانقباض الذي يوصف في هذه
الحالة بأنه حالة تشنج غير تامة incomplete tetanus ( شكل 13 - 17).
إذا زاد تكرار المنبهات لدرجة عدم السماح للعضلة بالارتخاء إطلاقا (20 - 60 منبه/ث
) فإننا نحصل على تشنج تام complete tetanus. من شأن هذا
التشنج التام أن يعطي قوة كبيرة قادرة على إنجاز مهمة معينة لا يسمح معها بحدوث أي
انبساط، إذ أن حدوث الانبساط في هذه الحالة يمكن أن يؤدي لحدوث كارثة. خذ مثلا
عندما تدوس بكل قوتك على كابح سيارة عندما تفاجأ بشخص يقفز أمامها د. أن مثل هذا
التشنج التام لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة لأنه سيؤدي إلى وضع تصبح معه العضلة
غير قادرة على الاستمرار في الانقباض لو طال، إذ أن العضلة ستصاب بالإعياء fatigue
حتما وسنبين في البند التالي كيف تتحايل العضلة على هذا الإعياء وفي بنود أخرى
لاحقة أسباب هذا الأعياء.
ب . استنفار أعداد متباينة من الوحدات الحركية Recruitment
لا يتصرف كل ليف عضلي بمفرده في العادة بل أن كل مجموعة
من الألياف العضلية يصل إليها محور عصبون حركي واحد وذلك بعد أن يتفرع هذا المحور
إلى أفرع مساوية لعدد هذه الألياف. تدعى مجموعة الألياف العضلية في العضلة المتصلة
بمحور عصبون واحد وذلك المحور نفسه وحدة حركية motor unit
(شکل 13 - 18). يتباين عدد الألياف العضلية المكونة
للوحدة الحركية من عضلة لأخرى، ففي العضلات التي تنجز حرکات دقيقة
جدا كعضلات الأصابع والعضلات المحركة للعين يكون عدد الألياف العضلية منخفضة جدا (حوالي
4 ألياف / وحدة حركية) بينما يكون العدد كبيرة (عدة مئات من الألياف ) في العضلات
التي تنجز حركات واسعة جدا كعضلات الأرداف والأرجل). وبشكل عام فإن معدل الألياف
العضلية في الوحدة الحركية لعضلات الجسم يصل إلى 150 ليفا.
ويبدو السبب واضحا في هذا التباين في عدد الألياف في
الوحدة الواحدة، فلا تحتاج ريشة الفنان مثلا إلى كثير من الجهد لتحريكها لترسم خطأ
بل إذا أردنا لهذا الخط أن يكون سلسا فلا بد من تحريك الريشة بأقل درجة من القوة
وهذا الأمر لا يحتاج إلا إلى انقباض عدد قليل من الألياف فلماذا نحتاج إلى عدد
كبير من الألياف في الوحدة الحركية الواحدة؟ نحن فعلا لا نحتاج إلى عدد كبير من
الألياف في الوحدة الحركية الواحدة بل أكثر من ذلك أن مثل هذا العمل (الرسم) لا
يحتاج إلى تحريك وحدات حركية كثيرة إذ أن تفعيل واحدة أو اثنتين منها يكفي لإنجاز
المهمة.
الشكل 13-18: مكونات الوحدة الحركية.
إذا لدينا هنا طريقة أخرى، غير زيادة تكرار التنبيه،
للسيطرة على قوة الانقباض ألا وهي استنفار أعداد متباينة من الوحدات الحركية وذلك
اعتمادا على مقدار الشغل المراد إنجازه. فرفع كتاب من على الطاولة يستنفر عددا من
الوحدات الحركية أكثر مما لو أردنا رفع قلم مثلا ورفع مجموعة كتب أو جهاز حاسوب
يستنفر عددا من الوحدات الحركية أكبر مما لو أردنا رفع كتاب واحد وربما نحتاج في
هذه الحالة إلى استنفار عضلات الذراع الآخر. تشبه عملية استنفار الوحدات الحركية
بعملية استدعاء الاحتياطي في الجيش فكلما كان تهديد الأمن خطيرة كلما استدعي
احتياطي أكبر.
تستفيد العضلات من قابلية استنفار أعداد متباينة من
الوحدات الحركية ليس فقط في زيادة مقدار الانقباض الذي يتطلبه الشغل المراد إنجازه
بل في استبدال الوحدات الحركية التي أصبحت على وشك الإعياء (لأنها بدأت الانقباض
قبل غيرها ) بوحدات حركية أخرى وهذا يمكن العضلة من استمرار الانقباض لفترة طويلة
جدا دون الإصابة بالإعياء. خذ مثلا ما يحدث في عضلات الرقبة الخلفية ( المعينية trapezium).
إن مركز ثقل الرأس يميل نحو الأمام ولهذا فالرأس يميل إلى السقوط نحو الأمام لو لم
تقم عضلات الرقبة الخلفية بشده إلى الخلف بشكل مستمر، أن هذه العضلات سوف تصاب
بالأعياء في أقل من ساعة لو لم يتم استبدال الوحدات الحركية بعضها ببعض، الأمر
الذي يبقى العضلة منقبضة بدرجة كافية لرفع الرأس ولفترة طويلة جدا (عدة ساعات ).
الفصل الثالث عشر:
·
ترتيب الحزم العضلية في
العضلة
·
تركيب
العضلات الهيكلية المكون الضام
·
التنظيم
المجهري للييفات العضلية
·
التركيب الدقيق و الكيميائي
للييفات
·
الشبكة
الساركوبلازمية والأنيبيبات المستعرضة
·
العلاقة التركيبية والوظيفية
بين الأنيبيب المستعرض والأكياس النهائية
·
استنفار أعداد متباينة من
الوحدات الحركية
·
منحنى الطول والتوتر في
العضلة
·
إنتاج الحرارة أثناء النشاط
العضلي
·
الانكماش العضلي الناتج من
عدم الاستعمال
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment