الآليات قبل التشابكية للبث الكيميائي
يحدد المؤلفون العمليات التي يتضمنها البث الكيميائي
بأربع عمليات: بناء الناقل العصبي وخزنه، تحرر الناقل العصبي بفعل جهد الفعل،
تفاعل الناقل مع مستقبلاته على الغشاء بعد التشابكي وما يصاحب ذلك من فتح قنوات
أيونية وإحداث تغير في جهد غشاء الخلية بعد التشابكية ، وأخيرا إيقاف الناقل
العصبي عن العمل بعد أن أدي وظيفته وإعادة تدوير مكوناته. بناء الناقل العصبي
وخزنه Synthesis and Storage تختلف الآليات الكيميائية الحيوية الخاصة ببناء
كل ناقل عنها في الآخر.
بينما سنتعرض لاحقا لبناء كثير من النواقل العصبية،
فإننا سنورد هنا وصفا البناء أستيل كولين (Ach ) وهو الناقل
العصبي في المفصل العصبي العضلي الأكثر شيوعا في الجسم. يبنى Ach
من اتحاد أستيل مرافق الأنزيم أacetyl CoA مع القاعدة choline
بوجود أنزيم ناقل أستيل إلى كولين choline acetyltransferase
. يتم الحصول على المادة الأولى من عمليات الأيض ويمكن للعصبونات بناء القاعدة
كولين أو الحصول عليها من السائل خارج الخلايا حيث يستطيع الغشاء بعد التشابكي
تركيزها بواسطة جهاز نقل خاص يؤدي إلى تراكمها ضد فرق تركيز عال في الداخل. يعبأ Ach
ويخزن في حويصلات في النهايات الطرفية حيث يوضع في مناطق قريبة من المناطق النشطة
لكي يمكن تحرره بسرعة.
تحرر الناقل العصبي Release
يتحرر الناقل
العصبي بفعل جهد الفعل القادم من المحور الذي يغزو النهاية الطرفية. إذ تؤدي موجة
إزالة الاستقطاب المصاحبة لجهد الفعل إلى تنشيط قنوات كالسيوم حساسة للتغير في فرق
الجهد voltage - sensitive Ca channels موجودة في
الغشاء قبل التشابكي . يؤدي تنشيط هذه القنوات إلى دخول كالسيوم من السائل خارج
الخلايا حيث يكون تركيزه حوالي 2.5 مليمول إلى داخل النهاية الطرفية حيث تركيزه
حوالي0. 1 ميكرومول وبذا يكون كالسيوم مدفوعا بفرق تركيز كيميائي بالإضافة إلى فرق
جهد كهربائي حيث الداخل سالبا.
يسبب دخول كالسيوم اتحاد الحويصلات التشابكية مع الغشاء
قبل التشابكي وانفجارها قاذفة الناقل نحو الشق التشابكي بعملية إخراج خلوي وقد
بينت الدراسات أن تحرر الناقل من حويصلة واحدة في هذا التشابك يحتاج إلى عدد أقصاه
أربعة من أيونات كالسيوم وأن هذا العدد يختلف من نسيج لآخر. ولا تعرف على وجه
التحديد آليات تفاعل كالسيوم والحويصلات والغشاء قبل التشابكي المسببة لتحرر
الناقل، لكن الأبحاث الحثيثة في هذا الحقل أشارت إلى أن كالسيوم ينشط الإنزيم - pr tein
kinase C وأن العوامل التي تنشط هذا الأنزيم تسبب الإخراج الخلوي عادة.
لهذا يمكن أن يعزى أثر كالسيوم إلى تنشيطه لهذا الأنزيم
المسبب لفسفرة بعض بروتينات الأغشية، كما وجد حديثا بأن بروتينا يدع Synaptotagmin
يعمل كمستقبل لأيونات كالسيوم قبل عملية الافراز. وقد أشارت أبحاث أخرى إلى دور
مباشر أكثر لكالسيوم إذ اقترحت أن البروتينات المسببة للانقباض مثل آكتين وميوسين
والتي تحتاج كالسيوم التحدث الانقباض ذات دور في جذب الحويصلات نحو الغشاء قبل
التشابكي. من البروتينات التي يعتقد بأن لها دورا في جذب الحويصلات مجموعة تدعى
اختصارا SNARE تتواجد في غشاء الحويصلة والغشاء قبل
التشابكي وفي السيتوبلازم بينهما .
كما اقترح باحثون آخرون بأن الأنيبيبات الدقيقة قد تكون
مسؤولة عن التحام الحويصلات بالغشاء لأنه وجد أن المواد المضادة لعملية الانقسام
الخلوي anti-mitotic agents
المعتمدة على الأنيبيبات مثلchalasin ، cholchicine
تعيق عملية الإفراز. ومهما تكن هذه الآلية، فإن عملية الإفراز في بعض الخلايا لها
متطلبات خاصة، ففي الخلايا الكرومافينية chromaffin cells
الموجودة في نخاع الغدة الكظرية وجد أن من الضروري توفر نوع معين من الدهون هو phospholecithin
كشرط لحدوث الإفراز.
وحيث إن الحويصلة التشابكية تحوي عددا محددا من جزيئات
الناقل العصبي، لذا فإنها عندما تلتحم بالغشاء قبل التشابكي تحررهذا العدد المحدد
كاملا، وقد أطلق على هذه الكمية من الناقل تعبير کوانتم quantum
وبذا تشكل كل حويصلة كوانتم ويمكن لهذا وصف تحرر الناقل العصبي بأنه كمي quantal
إذ لا تتحرر نصف حويصلة بل حويصلة كاملة أو اثنتان أو ثلاث وهكذا. وعلى الرغم من
أنه وجد أن بعض الحويصلات تتحرر محتوياتها تلقائيا spontaneously
دونما تنبيه فإن الحويصلات تتحررعادة عند وصول جهد الفعل حيث وجد بأن جهد الفعل
الواحد يحررما مقداره 100-300 حويصلة.
ارتباط الناقل مع مستقبلاته Neurotransmitter – Receptor Binding
بعد تحرر الناقل العصبي، ينتشر في الشق التشابكي فيصادف
المستقبلات الخاصة به على الغشاء بعد التشابكي فيرتبط بها. يؤدي ذلك إلى تنشيط
المستقبل وإلى فتح القنوات الأيونية المرتبطة بذلك المستقبل بصورة مباشرة، أو
بصورة غير مباشرة عن طريق رسول ثاني مثل : cAMP، cGMPIP
. تدعى القنوات الأيونية التي تفتح عند تنشيط المستقبل بواسطة الناقل العصبي قنوات
حساسة للنواقلligand - operated channels وهذه تختلف عن
تلك الحساسية لتغير فرق الجهد في أمرين أولهما أنها تبقى مفتوحة طالما بقي الناقل
مرتبطا بالمستقبل وثانيهما أنها لا تتأثر بالتغير في جهد الغشاء. تؤدي جزيئات
الناقل المتحررة من حويصلة واحدة إلى فتح عدد كبير من القنوات وحسبنا أن نعلم أن
كل ميكرومترا مربعا من غشاء الصفيحة النهائية لليف عضلي يحوي 10 قناة .
ويدعى التيار الناتج من تدفق الأيونات عبرقناة واحدة تيار
قناة واحدة single channel current بينما يدعي
التيار الناتج عن فتح جميع القنوات في التشابك الواحد تيارا تشابكيا synaptic
current .
يؤدي مرور الأيونات في قناة واحدة أو أكثر إلى إحداث
تغير في جهد غشاء الخلية بعد التشابكية. فإذا دخلت مثلا أيونات صوديوم الموجبة فإن
داخل الغشاء يصبح أكثر إيجابية ويقال بأن الناقل أحدث جهدا بعد تشابكي
الشكل 1-6: جهد الفعل بعد التشابكي المثبط (أ) والمهيج
(ب).
مهيجا excitatory postsynaptic potential ( (EPSP أما إذا دخلت أيونات سالبة
مثل كلور أو خرجت من الخلية أيونات موجبة مثل بوتاسيوم، فإن داخل الغشاء يصبح أكثر
سالبية ، ويقال بأن الناقل إحداث جهدا بعد تشابكي مثبطا inhibitory
postsynaptic potential ( IPSP).
جدير بالذكر أن ارتباط بعض النواقل بمستقبلاتها لا يؤدي إلى فتح قنوات أيونية بل
إلى إغلاق بعض القنوات وإن كان ذلك أقل شيوعا، فقد لوحظ أن الناقل سيروتونين يغلق
قنوات K و عصبونات أرنب البحر Aplysia، كما لوحظت هذه
الظاهرة في العقد العصبية الذاتية للفقريات، ويكون هذا النشاط عادة مصحوبا بتدخل
رسول ثان مثل cAMP.
ومهما يكن الأمر فإن هذا النشاط يؤدي إلى حدوث تغير في جهد الغشاء إما باتجاه إزالة الاستقطاب أو باتجاه زيادة الاستقطاب (شكل 1 - 6). وفي حالة التشابك العصبي العضلي فإن الناقل أستيل كولين يرتبط بمستقبلاته الموصوفة أعلاه ويسبب فتح قناة ليست بالغة التخصص أو النوعية إذ تسمح الأيوني صوديوم وبوتاسيوم بالتدفق، الأول نحو الداخل والثاني نحو الخارج.
يدعى الجهد بعد التشابكي المهيج EPSP الناتج من تحرر حويصلة واحدة من Ach والمسجل في خلية ليف عضلي جهد الصفيحة النهائية المصغر (miniature end plate potential (MEPP) وكان أول من أشار إلى MEPP الباحثان Paul Fatt & Bernard Katz عام 1952 حيث وجدا أن الغشاء بعد التشابكي (غشاء الليف العضلي الواقع مباشرة تحت الزر التشابكي) يبدي إزالة استقطاب صغيرة جدا مقدارها0.5mV بشكل تلقائي (أي دون تنبيه)، فتكهنا بأن هذه الاستجابات الصغيرة تمثل «وحدات» من الناقل المتحرر، وأن تحرر عدد أكبر من هذه الوحدات في آن واحد سيعطي فرق جهد أكبر هو جهد الصفيحة النهائية end plate potential ((EPP شكل 1)- 7) الذي يمكن اعتباره جهدا بعد تشابكي مهيج EPSP تم الحصول عليه من خلية متخصصة هي الليف العضلي.
يزداد جهد الصفيحة النهائية في سعته (مقداره) بشكل
يتناسب مع مضاعفات MEPP (مثلا مرتين، ثلاث، أربع ... الخ) مما أوحى
بالاعتقاد بأن MEPP ينتج من تحرر الناقل العصبي الموجود في
حويصلة واحدة وأن LPP ينتج من تحرر حويصلتين أو ثلاث أو أربع في
وقت واحد تقريبا. لقد فسر مفهوم التحرر الكمي quantal release
للناقل العصبي الذي جاء به Fatt& Katz
ما بينته الصور المأخوذة بالمجهر الإلكتروني للنهايات التشابكية والتي بينت وجود
حويصلات داخل هذه النهايات مما أفسح المجال للاستنتاج بأن الناقل العصبي لا يوجد
سائبا (حرة) free داخل النهايات العصبية، وإنما هو معبأ في
هذه الحويصلات ولم تكن هذه الحقيقة معروفة قبل ذلك الوقت.
الشكل 1-7: جهد الصفيحة النهائية المصغر عند تسجيله من
ليف عضلي غير منبه. لاحظ الحجم الصغير والمتغير لهذه الاستجابة.
الفصل الثامن:
·
الآليات
قبل التشابكيه للبث الكيميائي
·
العلاقه
بين إزالة الإستقطاب وتحرر الناقل ( ازدواج إزالة الإستقطاب - التحرر)
·
تعطيل الناقل العصبي عن
العمل و تدوير مكوناته
·
الحساسية للمؤثرات
العقاقيرية والوظيفية والمرضية التحوير بواسطة تشابك آخر
·
النواقل
العصبية والمحورات العصبية أستيل كولين
·
تشفير المعلومات في الجهاز
المركزي
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment