تنظيم السوائل الجسم Regulation of body fluids
توازن سوائل الجسم لمفهوم الاستتباب الذي أشرنا
له في الفصل الثاني. سوف نناقش في هذا الفصل ما المقصود بسوائل الجسم وما هو تركيب
هذه السوائل وما الآليات التي تعمل على ثبات هذا التركيب وعلى توازنه، ثم سنبحث في
الاضطرابات التي تنجم من اختلال التوازن في سوائل الجسم. ويجدر بنا في البداية أن
نشير إلى أن المقصود بسوائل الجسم body fluids
هو ماء الجسم وما به من مواد مذابة بغض النظر عن الحجرة التي يتواجد بها، أي داخل
الخلايا أو خارجها.
محتوى الجسم من الماء Body water content
تعتمد كمية ما يحتويه الجسم من الماء على وزن الجسم
ولهذا فإن كمية الماء تحسب عادة بعد معرفة وزن الجسم، وبشكل عام، فإنه كلما ازداد
الوزن كانت كمية ماء الجسم أكبر. وإذا ما ثبتنا وزن الجسم وذلك بأخذ الوزن المثالي
وهو 70 كيلوغراما، فإن كمية ماء الجسم بعد ذلك تختلف باختلاف العمر والجنس
وباختلاف كمية الدهون في الشخص. فالأطفال الصغار لديهم كمية ماء أكبر نسبيا من
الكبار وذلك بسبب صغر كتلة العظام لديهم حيث من المعروف أن العظام تحتوي ماء أقل،
وبسبب صغر كمية الدهون لديهم حيث أن الدهون تحتوي أيضا نسبة أقل من الماء (10. 20
% من وزنها ).
كذلك، فإن الذكور لديهم كمية ماء أكثر من الإناث، إذ أن
الذكور لديهم كتلة أكبر من العضلات وهذه ذات نسبة ماء كبيرة كما أن لديهم نسبة أقل
من الدهون مما لدى الإناث. وبشكل عام، فإن نسبة ماء الجسم في الذكور تصل 61 % من
الوزن بينما في الإناث هي 51% من الوزن. ويمكن إجمالا القول بأن نسبة الماء في
الإنسان تتراوح بين 75. 45 % من وزن الجسم ومعدلها حوالي 60 % من الوزن. ولو
استخدمنا هذه النسبة الأخيرة لحساب كمية الماء في الجسم المثالي الوزن فإن كمية
الماء تساوي 70كغم × 60 : 100= 42 كغم وهذه تعادل حوالي 42 الترا. وقد جرى التحقق
من صحة هذه الحسابات بقياس الحجم الإجمالي لماء الجسم total body water ( (TBW الذي سنشير له في بند
قادم.
النسبة المئوية للماء في جسم الإنسان في فئات العمر
المختلفة (وزن اوزن).
توزيع الماء على حجرات الجسم Distribution of body fluids
among body compartments
تتوزع كمية الماء المشار إليها أعلاه على حجرتين
رئيسيتين هما:
الحجرة خارج الخلايا extracellular fluid compartment
والحجرة داخل الخلايا intracellular fluid compartment.
فالسائل في الحجرة خارج الخلايا يشكل حوالي ثلث كمية
ماء الجسم أي ما يعادل 17 لترا من الماء وهذه تتوزع على هيئة: 1) بلازما plasma تشكل حوالي % حجم السائل خارج الخلايا (أي
حوالي 3.5 لتر وهي تعادل 5% من وزن الجسم تقريبا)، 2) سائل نسيجي Interstitial fluid يشكل حوالي 3/4
السائل خارج الخلايا أو ما مقداره 13.5 لترا.
والسائل النسيجي هو السائل الذي يحيط بخلايا الجسم
ويشكل ما وصفه كلود برنارد بأنه البيئة الداخلية للجسم.
أما السائل في الحجرة داخل الخلايا فيشكل ثلثي كمية ماء
الجسم أو ما يقارب 25 لترا وهذه موزعة على بلايين الخلايا في الجسم. يمكن وصف
توزيع الماء في الجسم بالمعادلتين الآتيتين:
حجم الماء الكلي = حجم السائل خارج الخلايا + حجم
السائل داخل الخلايا
حجم السائل خارج الخلايا = حجم البلازما + حجم السائل
النسيجي
يجب أن نشير كذلك إلى أن السائل خارج الخلايا يضم كذلك
كميات أخرى صغيرة من السوائل مثل السائل المخي الشوكي cerebrospinal fluid الموجود في تجاويف الجهاز العصبي والسائل
المائي aqueous humor الموجود في
الحجرة الأمامية للعين وسائل الليمف الداخلي endolymph للأذن، ويتراوح حجمها جميعا بين 1 - 3 % من
وزن الجسم. يطلق على هذه السوائل ذات الأهمية البالغة، سوائل عبر الخلايا transcellular fluids. يجدر بالذكر أن
هذه السوائل مفصولة عن البلازما بواسطة خلايا طلائية تحدد تركيبها دوما لتجعله
مختلفة عن تركيب البلازما، ومناسبة لأداء هذه السوائل لوظائفها.
قياس الحجم الإجمالي لماء Measurement of total body water
يقاس الحجم الإجمالي الماء الجسم بأن يحقن في الجسم
كمية معلومة من مادة قادرة على التوزع بانتظام بين خلايا الجسم وداخلها. بعد أن
تتوزع المادة بانتظام تؤخذ عينة من سوائل الجسم من الدم عادة ) ويجري قياس تركيز
هذه المادة بعد التوزع. تقسم بعد ذلك حسابية الكمية المعلومة من المادة التي حقنت
على تركيزها في الدم فتكون النتيجة دالة على الحجم الذي توزعت به هذه المادة. تتصف
المادة المحقونة بمواصفات خاصة كأن تكون غير ضارة بالجسم وأن حجمها الجزيئي يسمح
لها بالدخول إلى داخل الخلايا لكي تتوزع داخل الخلايا وخارجها بانتظام، كما أنها
يجب أن لا تؤثر على توزيع الماء أينما حلت أي أن لا تكون ذات نشاط أسموزي كما أنه
لا يجري أيضها أو تحطيمها إلى مركبات أخرى بالإضافة إلى أن قياس تركيزها في سوائل
الجسم يجب أن يكون سهلا أي أن تكون معلمة إشعاعية radiolabelled.
وقد خلص الباحثون إلى أن خواص المادة التي تتصف بكل هذه
المواصفات يجب أن تكون شبيهة بخواص الماء ولهذا فقد اهتدوا إلى استخدام نظيري
الماء: 21H2O
أو أوكسيد ديوتيريوم(31H2O ،
deuterium oxide ( D2O أو أوكسيد تريتيوم tritium oxide
( HTO)
، كما استعملت مواد أخرى كاليوريا ومادة antipyrene. فإذا كانت الكمية المحقونة من أحد هذين
النظيرين مثلا هي 420 ملغم، وبعد التوزع كان تركيز النظير في العينة المسحوبة من
الدم هو 0.01mg / ml ، فإن حجم
التوزيع = 420 ملغم : 0.01 ملغم / مل = 12،000 مللترا أو 42 لترا.
قياس حجم السائل خارج الخلايا Measurement of Extracellular Fluid
القياس حجم السائل خارج الخلايا يستخدم المبدأ نفسه
الذي استخدم القياس الحجم الإجمالي لماء الجسم فيما عدا أن المادة المحقونة يجب أن
تتوزع في الحجرة خارج الخلايا فقط أي أن حجمها أو شحنتها لا تسمح لها بدخول
الخلايا. على الرغم من أن المادة المثالية لمثل هذا القياس غير متوفرة إلا أن
الباحثين استخدموا مادة إنيولين inulin المعلمة
إشعاعية. وإنيولين مادة كربوهيدراتية تستخرج من درنات بعض النباتات ووزنها الجزيئي
حوالي 5200 ويمكن تعليمها إشعاعيا باستبدال إحدی ذرات الكربون
بالكربون المشع 14C
أو باستبدال الهيدروجين بالهيدروجين المشع 3H.
وبعد تعليمها إشعاعية يصبح من السهل قياس تركيزها في
عينة السائل المأخوذة من البلازما مثلا وذلك باستخدام جهاز مناسب لقياس الإشعاع في
العينة. على الرغم من أن إنيولين يعتبر أفضل المواد المستخدمة لهذا الغرض، فقد
استخدم الباحثون مواد أخرى بديلة مثل سكروز ومانيتول كما استخدم آخرون نظائر أيون
كلور 38Cl36 Cl وبروم Br82 وجميع هذه المواد تدخل الخلايا بدرجات
متفاوتة كما أن بعضها يجري أيضه ولو لدرجة محدودة ولذا فلا تعتبر مثالية لغرض قياس
حجم السائل خارج الخلايا. ولتوضيح مبدأ القياس نضرب المثال الآتي: فلو أن الكمية
المحقونة من سكروز مثلا في شخص وزنه 65 كغم كانت 140 ملغم ووجد أن 5 ملغم من هذه
الكمية قد خرجت مع البول خلال فترة التوزع ثم جرى قياس تركيزسكروز فوجد بأنه 0.01
ملغم/مللتر، فإن الحجم الذي توزع به سكروز هو:
140 ملغم - 5 ملغم = 135 ملغم.
135ملغم: 0.01 = 13,500 مللتر = 13.5 لترا
وحيث أننا لسنا متأكدين تماما من أن الحجم الذي توزع به
سكروز (أو إنيولين إذا كنا قد استخدمناه هو حجم السائل خارج الخلايا نفسه ، فقد
أطلق على الحجم الناتج من عملية القياس السابقة مصطلح حجم سكروز ( أو حجم إنيولين)sucrose (
inulin ) space وهو يكفي من ناحية عملية الاعتباره مساويا لحجم
السائل خارج الخلايا. أما حجم السائل داخل الخلايا فيمكن تقديره حسابية وذلك بطرح
حجم الماء خارج الخلايا من حجم الماء الإجمالي للجسم.
قياس حجم البلازما وحجم الدم الإجمالي
تستخدم لقياس حجم البلازما أصباغ ترتبط ببروتينات
البلازما مثل صبغة إيفانز الزرقاء Evans blue كما يمكن
استخدام ألبومين المصل المعلم باليود المشع. والمواد المستخدمة في هذا القياس عادة
لا تغادر الدورة الدموية ولذا تعتبر مؤشرا لحجم البلازما ويمكن قياس تركيز المادة
المعلمة باستخدام عداد إضاءة scintillation counter
. وقد أشرنا أعلاه إلى أن حجم البلازما يساوي حوالي 3500 مللترا. أما حجم الدم
الإجمالي فيمكن حسابه على النحو الآتي:
حجم الدم الإجمالي = حجم البلازما x 100/ ( 100قيمة
مقراط الدم)
فإذا كانت قيمة مقراط الدم hematocrit
(وهي قيمة يمكن إيجادها تجريبية بسهوله، أنظر الفصل الخامس عشر) هي %38 فإن حجم
الدم الإجمالي = 3500 مللتر × 100 / ( 100 .38) = 5645 مللترا، وهذه القيمة تساوي
8.1 % من وزن الجسم وهي قريبة من المدى الفيزيولوجي النسبة الدم في الإنسان (6 -
8% ) وتقع حول القيم 7 - 10 % من وزن الجسم المقبولة لحساب حجم الدم في الفقريات
عموما.
الفصل السادس:
·
تنظيم
سوائل الجسم محتوى الجسم من الماء
·
قياس الحجم الإجمالي الماء
الجسم
·
قياس حجم السائل خارج
الخلايا
·
قياس حجم البلازما وحجم الدم
الإجمالي
·
التعبير
عن تركيز المحاليل البيولوجية
·
طرق
حركة الماء والمواد المذابة بين حجرات الجسم
·
حركة
السوائل بين حجرات الجسم
·
إفراز الهرمون مانع إدرار
البول
·
تنظيم
توازن الأيونات الرئيسية في الجسم
·
أسباب زيادة تدفق السوائل من
الدم
·
أسباب إعاقة عودة السوائل
إلى تيار الدم
المصادر
- التشريح الوظيفي وعلم وظائف الأعضاء ، الدكتور شتيوي العبدالله (2012) ، دار المسيرة عمان – الأردن.
- Prosser, C. Ladd (1991). Comparative Animal Physiology, Environmental and Metabolic Animal Physiology (4th ed.). Hoboken, NJ: Wiley-Liss. pp. 1–12. ISBN 978-0-471-85767-9.
- Hall, John (2011). Guyton and Hall textbook of medical physiology (12th ed.). Philadelphia, Pa.: Saunders/Elsevier. p. 3. ISBN 978-1-4160-4574-8.
- Widmaier, Eric P.; Raff, Hershel; Strang, Kevin T. (2016). Vander's Human Physiology Mechanisms of Body Function. New York, NY: McGraw-Hill Education. pp. 14–15. ISBN 978-1-259-29409-9.
- R. M. Brain. The Pulse of Modernism: Physiological Aesthetics in Fin-de-Siècle Europe. Seattle: University of Washington Press, 2015. 384 pp., [1].
- Rampling, M. W. (2016). "The history of the theory of the circulation of the blood". Clinical Hemorheology and Microcirculation. 64 (4): 541–549. doi:10.3233/CH-168031. ISSN 1875-8622. PMID 27791994. S2CID 3304540.
- Bernard, Claude (1865). An Introduction to the Study of Ex- perimental Medicine. New York: Dover Publications (published 1957).
- Bernard, Claude (1878). Lectures on the Phenomena of Life Common to Animals and Plants. Springfield: Thomas (published 1974).
- Brown Theodore M.; Fee Elizabeth (October 2002). "Walter Bradford Cannon: Pioneer Physiologist of Human Emotions". American Journal of Public Health. 92 (10): 1594–1595. doi:10.2105/ajph.92.10.1594. PMC 1447286.
- Heilbron, J. L. (2003). The Oxford Companion to the History of Modern Science, Oxford University Press, p. 649, link.
- Feder, ME; Bennett, AF; WW, Burggren; Huey, RB (1987). New directions in ecological physiology. New York: Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-34938-3.
- Garland, Jr, Theodore; Carter, P. A. (1994). "Evolutionary physiology" (PDF). Annual Review of Physiology. 56 (1): 579–621. doi:10.1146/annurev.ph.56.030194.003051. PMID 8010752.
Comments
Post a Comment